عن كتاب: تعامله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين

حسان أبوالمكرم الكتب بين عرض ونقد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فقد قال تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) [سورة القلم 4]
فمن رحمة الله سبحانه وتعالى على عباده أنه بعث فيهم رسولًا من أنفسهم ((لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)) [سورة آل عمران 164] لهداية الناس وبث الروح الديني فيهم، ونشر الدعوة الإسلامية والدعوة إليها، فرسولنا صلى الله عليه وسلم كان بشرًا من بيت (امرأة من قريش كانت تأكل القديد) [انظر: السلسلة الصحيحة 1876]، نشأ يتيمًا وترعرع يتيمًا، فقد والديه في صغره وجدّه كذلك، فلم يكن ملكًا ولا نورًا كما وجد في الديانات الأخرى حتى يقول الناس أنه نشر الدعوة الإسلامية بهيمنته وسلطانه، وأجبر الناس على قبول دعوته ماله وسلطانه، ولكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كسب قلوب الناس بتعامله الحسن وخلقه النبيل، وصبره على إيذاء الناس والرحمة بهم، والإخلاص والنصح لهم، والصلاح والتقوى…فصلاة ربي وسلام عليه ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا)) [سورة الأحزاب 56]
قبل 1400 عامًا بدأ رسولنا صلى الله عليه وسلم بنشر دعوته للناس، كانت البدايات بسيطة من أفراد إلى جماعات، حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا، ولايزالون حتى الآن يسلمون بعد الاطلاع على تاريخه وسيرته وتعامله والقراءة عن الإسلام والمسلمين، فكثير ممن يدخلون في الإسلام بسبب التعامل الحسن للنبي صلى الله عليه وسلم مع غيره، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، مما يوضح ويؤكد أن الإسلام انتشر بالأخلاق الحسنة والمعاملة الصادقة لا بالسيف والسلطان.
الكثير من غير المسلمين أرادوا أن ينتقدوا الإسلام ويؤلفوا ضدها المؤلفات، ويسبّبوا الإشكالات والمغالطات؛ ولكنهم اضطروا على قبول الإسلام، لأنهم قرؤوا عن الإسلام والمسلمين، وبحثوا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
فالحديث عن النبي صلى الله وسلم وعن سننه وأيامه سبب لنشر الإسلام وتعاليمه، ودفاع عنه وعن رسوله، وسبب في زيادة محبته صلى الله عليه وسلم وإحياء القلوب، فالحديث عنه تطول ولا تنتهي في هذه الصفحات، ولذا ألفت في السيرة النبوية مؤلفات محتوية على مجلدات، بل حتى ألفت مجلدات في جانب من جوانب حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
تعامل النبي صلى الله عليه وسلم لها حالات متعددة ومتنوعة، فهناك تعامل نبوي مع النساء سواء كانت من أزواجه أو أقاربه أو الصحابيات، وهناك تعامل نبوي مع الصغار والصبيان سواء كانوا خدمًا أو غلمانًا أو أبناء صحابة أو صغار غير المسلمين وغيرهم، وهناك تعامل نبوي مع غير المسلمين سواء كانوا من أهل الكتاب أو المشركين وغيرهم.
فهذا الكتاب يتحدث عن تعامله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين بعدة اعتبارات منها: الصبر على أذى المشركين، والدعاء لهم بالهداية ونزول المطر، وعنايته بدعوة عمه إلى الإسلام، وأسلوب دعوته لهم، وحرصه البالغ على إرسال الرسل لدعوة غير المسلمين، ومكافأتهم على المعروف، وإلقاء السلام على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمنافقين والمشركين وغيرهم، وكذلك عنايته صلى الله عليه وسلم بصلة والديهم، ووفاؤه عليه الصلاة والسلام بالعهود والمواثيق والاتفاقات مع غير المسلمين، وكذلك وفاؤه مع المشركين حتى بعد الممات، وعفوه عن مشرك أراد قتله، ورحمته صلى الله عليه وسلم بخصومه، وإنكاره قتل النساء والصبيان في الحروب، واهتمامه البالغ بالتوحيد في إجابة المشركين، وغير ذلك من الجوانب المتعددة.
هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة (التعامل المجتبى من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصحيحين) قام بتأليف هذه السلسلة القيمة الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن ناصر الزير-حفظه الله وبارك فيه- يحتوي هذا الكتاب على 208 صفحة بمقاس 17×24 سم.
ومنهج المؤلف فيه هو بعد قراءة الصحيحين، الاقتصار على اختيار الأحاديث التي تضمنت أو اشتملت على موقف أو تعامل منه صلى الله عليه وسلم ومع غيره، ثم تصنيف الأحاديث ووضعها ضمن الموضوع الذي يختص به، وبعد ذكر الحديث وتخريجه وشرح الألفاظ الغريبة فيها يستخرج أوجه التعامل للنبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الحديث، ثم يذكر الفوائد المهمة الواردة في الحديث.
فمثلًا ذكر المؤلف في صفحة 141 في مبحث عيادة النبي صلى الله عليه وسلم لغلام يهودي كان يخدمه:
"نص الحديث:
عن أنس رضي الله عنه، قال: ((كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلم”، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار”))
تعامل النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الحديث:
1- حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع جميع الناس حتى مع غير المسلمين، فزيارة المريض من حسن خلقه.
2- عيادته صلى الله عليه وسلم للمريض، ولو كان من غير المسلمين إذا كان يرجى من ذلك إسلامه.
3- مبادرته صلى الله عليه وسلم بنفسه فلم يرسل أحدًا، بل قام هو بالزيارة.
4- حرصه صلى الله عليه وسلم على دعوة غير المسلمين للإسلام.
5- استخدامه صلى الله عليه وسلم الصبي غير المسلم.
6- عرضه صلى الله عليه وسلم الإسلام على الصبي اليهودي.
7- تلطفه صلى الله عليه وسلم الجميل، وتواضعه بجلوسه عند رأس الطفل اليهودي.
8- إخباره صلى الله عليه وسلم للناس بإسلام هذا الغلام.
9- مكافأته صلى الله عليه وسلم لهذا الغلام الذي خدمه، بدعوته إلى الإسلام.
الفوائد:
10- فرحه صلى الله عليه وسلم بدخول هذا الغلام في الإسلام، وأن الله أنقذه من النار.
11- استحضاره صلى الله عليه وسلم لعباده الحمد والثناء على الله في كل نعمة.
12- معرفة اليهود بأن الإسلام دين الحق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو رسول الله حقًا؛ ولذا قال: أطع أبا القاسم. "أهـ.
والحقيقة أن الكتاب اشتمل على العديد من الفوائد العلمية، وامتاز بالأسلوب السهل، والعبارات الواضحة المفاهيم، وترجم إلى بعض اللغات أيضًا، فنسأل الله تعالى أن يجزي المؤلف عنا خير الجزاء ويبارك في جهده وعمله ويتقبله بقبول حسن، ويجزي من له أدنى مساهمة في الانتفاع بهذا الكتاب، ويحفظ الإسلام والمسلمين… آمين يا رب العالمين
ولتحميل الكتاب يرجى النقر على هذا الرابط:

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of