خرجت من مبني محطة تشهترا باتي شيواجي الفخمة العتيقة وقصدت ماشيا نحو حرم جامعة مومباي بالقلعة. اعترضني في الطريق حشد كان يحتفل بميلاد شيواجي احتفالا متحمسا متعززا. لا سبيل لي في نقدهم والعيب عليهم في ذلك لأن لهم كل الحق في تمجيد أبطالهم وتخليد ذكرهم ومآثرهم، ولأن الدستور الهندي يمنح كل فرد وجماعة حرية التعبير عن النفس والآراء والعقيدة والدين مع موانع وقيود مناسبة.
ولكنني أضمر شكاوى بلا حساب للمسلمين الهنود لأننا أصبحنا موتى أو كالموتى في حياتنا القومية! أصبحنا نعيش عيشا مفعما بالخوف نهب منا الاستقلال الفكري والثقة بالنفس وجرأة المصارحة. لنأخذ علي سبيل المثال مسئلة تفسير التاريخ الهندي وآثاره المترتبة على حياتنا القومية في العصر الراهن. لا شك أنها توجد في الهند تيارات متنوعة لفهم وتفسير التاريخ الهندي كالداليتية والبراهمينية والآرية والدرافيدية وما الي ذلك ولكن التيارالبراهميني أو الآري أو الهندوسي المتطرف أصبح بمثابة التاريخ الهندي العام السائد. زاده النجاح الاقتراعي الحالي ثقة وقوة. هذا التيار يمتاز بأيدولوجياته و مواقفه العدائية الحادة الشاملة ضد الأقليات الدينية علي وجه عام والمسلمين علي وجه خاص. المبدأ العام لهذا التيار هو: جل أوغاده المسلمون وجل أبطاله من عارضوا المسلمين وعادوهم!!!
لا يمكن لأي مسلم فهيم أن يقبل هذا التيار أبدا. أعلم جيدا أن لنا تيارا خاصا للتاريخ الهندي يعدل بأبطالنا ويذود عن شرفهم ويثبت ما فعلوا ويبطل ما نسب اليهم كذبا وزورا. ولكن الوجود هذا ميت أو شبه ميت: ارتدى الخوف والإضمار والمصلحة المبهمة وعدم الثقة بالنفس والمجاهرة والمصارحة كأنه فرض على نفسه التيار الهندوسي المتطرف للتاريخ أو صار طحينه. يرقص الهندوسي المتطرف بطرا ورياء يغني بأبطاله ويسب أبطالنا ونحن نشهد المسرحية مذعنين صامتين طامعين في الحصول على "شهادة حب الوطن”. لن تنالوا تلك الشهادة حتى تهندوا!!!
صماتنا يميت حيويتنا واستقلال فكرتنا كقوم، ويشجع العدو الجبان على إحرامنا من ديننا ونمط عيشنا المتميز. فالأجدر بنا أن ننظم أنفسنا ونحدد مرجعيات التعايش مع أقوام بأنفسنا في إطار الدستور الهندي ونحد من اتجاهات التنفيذ الآلي لميولهم علينا لدى الهنادك المتطرفين ونعلن ونحتفل بأمانينا و طموحاتنا وأبطالنا وتاريخنا. فلا ينجح قوم بالتكفف بل باحترام الذات وإظهارها!!
لا يلج ببال أحد أنني لا أعتقد في مصالح الوطن. لا أريب في صحة وضرورة مبدء تفضيل مصالح الوطن ولكنني لا أؤمن بقبول لوازم مصالح الوطن كما يحددها الهنادك المتطرفون. نحن قوم لدينا عقل وفهم يؤهلنا أن نحدد مفاهيم مصالح الوطن بأنفسنا تحديدا يلائم حياتنا القومية ويحيط بنقاط الائتلاف والاختلاف مع مفاهيم مصالح الوطن المتعددة الموجودة في بلادنا. أود أن نمارس جميع الحريات المتوفرة لنا في ضوء الدستور الهندي ولا نتركها لأن كتب الهنادك المتطرفين تمنعنا من ممارستها. فعلى سبيل المثال لا يمنعنا الدستور الهندي من الاحتفال بتاريخنا وأبطالنا ولكن كتب الهنادك المتطرفين تمنعنا من ذلك، فماذا نفعل؟ نعمل وفق الدستور الهندي بلا شك. لا أعني بالاحتفال الاحتفال الرسمي ضروريا بل أعني بذلك إظهار شعورنا بالاعتزاز بهم فقط لا غير. هذا ما أقصد و هذا ما أرى أن نقصد ونفعل!!!



كل زمان وانت في امان يا اخي الفاضل!
لابد لنا ان نلتزم بشعاءرنا ولا ننسى تاريخنا وهذا لا يمكن الا بتذاكر محاسنه ولاحتفال به.
مقالتك راءعة وبارعة، كتبت كما تكتب داءما باسلوب جيد. والله يسلمك ويبارك في علمك!