إن عجبي لا ينتهي من علماء الدين اللذين قد بدأوا يعدون اللغة الأردية لغة قد تغني عن اللغة العربية. والحق أن اللغة العربية لا غنى عنها لأي مسلم لأنها لغة الدين الأساسية واللغة الأردية مهما عظم تراثها الديني فإنها لغة ثانوية. وأعذرني أيها الإخوة إذا قلت إن قلة الإلمام بالدين لدى عامة الناس وتعرضهم للاستغلال على أيدي علماء السوء يعودان إلى سبب أساسي هو جهلهم باللغة العربية ومن ثم عدم قدرتهم على الانتفاع من مصادر الإسلام الأساسية مباشرة. في هذا السياق، ترويج اللغة العربية في الهند ضرورة لا بد منها ومسؤولية علماء الدين بهذا الصدد أكبر من أن تذكر.
لترويج اللغة العربية منافع متشعبة. فهي لغة الدين الأساسية، ولغة الأدب الأغنى بمعنييه الأعم والأخص كليهما، ولغة الاقتصاد الأقوى، ولغة التعبير الأدق والأشمل. عواقب إهمالها وخيمة واستبدال لغة أخرى مكانها مضر بديننا، ودنيانا. واللغة العربية لها بنية أساسية قوية بفضل المدارس والمعاهد الدينية العربية. وهناك ضرورة واحدة فقط وهي أن تدرك هذه المدارس والمعاهد إمكانياتها الهائلة غير المستعملة حتى الآن وتقوم باستغلالها في شكل منظم. ها هو ذا خريج من المدارس لا يفهم العربية إلا قليلا، ولا يكتب فيها إلا نادرا، ولا ينطق بها إطلاقا، ولا يتحمس لترويجه في المجتمع تمهيدا لترويج الدين. وهو يجري وراء الأردية كل حياته وهل يغني التراب الند من الماء الصافي النقي العذب. وهذا الافتنان بالأردية وتجاهل العربية مسؤول عن عدم تجذر الدين في أعماق مجتمعنا. يا ليتنا نعقل!
يجب أن أنبه إلى أنني لست بعدو للأردية ولا أستطيع أن أكون لأنها لغتي الأم ولغة الأم لكثير منا. ولكن هذه الحقيقة لا تمنعني من أن أصرح بأنها لا تصلح كاللغة الأساسية للمدارس الدينية العربية على الأقل ولا بد للمدارس الدينية العربية من اتخاذ اللغة العربية لغتها الأساسية اللتي تتمحور حولها حياتها العلمية. أما اللغات الأخرى وبخاصة الإنجليزية، والأردية، والهندية، واللغات المحلية الأخرى فيجدر بها أن تدرس كمادة ويدرب عليها في شكل منظم ويستعمل كل منها حسب الجو المحاط به. ينبغي أن يتحادث ويتكاتب العلماء باللغة العربية في أوساطهم، وإذا كانت المحادثة والكتابة لغير العلماء ففي لغة أليق وأنسب وأبلغ للمخاطبين سواء كانت إنجليزية أو أردية أو هندية فالعبرة لرجال الدين بتبليغ رسالة الإسلام إلى الناس في لغة يفهمونها وليسوا بمسؤولين عن الالتزام بلغة خاصة ليتكفلوا بحفظها سوى اللغة الدينية الأساسية ألا وهي اللغة العربية.