شعار المسلم عند المصائب والمحن والشدائد

جبران أحمد ضمیر أحمد أسلوب حياة

عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْت النُّعْمَانَ يَخْطُبُ قَالَ: ذَكَرَ عُمر مَا أَصَابَ النَّاس مِن الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي، مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ. (رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق) الدقل: وهو تمر رديء.
لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المحن والشدائد أشقها:
نشأ يتيما، وحصر في الشعب ثلاث سنين، وقيل عنه الساحر، وضرب في الطائف، ومات له ستة من الولد، وأخرج من بلده، واختفىٰ في غار، وتبعه قومه في مهجره، وقاتلوه، ومكر به أهل النفاق، وسقي السم، وعمل له السحر، وشج يوم اُحد وهو نبي الأمة وكان نبينا صلوات ربى وسلامه عليه يقول: أوذيت في الله وما يوذى أحد. ومع ما لاقاه من تلك المصائب وغيرها كان متفائلا في حياته، ويقول: ((يعجبني الفأل قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمةالطيبة)). (مأخوذ من خطبة عبد المحسن القاسم مع الحذف والإضافة)
ويقول أيضا: اللهم أشكو إليك ضعف قوتي الخ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس صبرا وتبسما.
فيا أيها المسلم، إذا أصابتك مصيبة لا تقلق، واصبر عليها، ولا تلق بأيديك إلى التهلكة، ولا تقتل نفسك بسبب المصائب والشدائد، لأن هذا الفعل محرم، وورد في الحديث وعيد شديد لمن قتل نفسه. ((عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَةِ، وَعَلَى قَاتِلِ النَّفْسِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَى قَاتِلِ النَّفْسِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ)) [ترمذي كتاب الجنائز ]
واعلم أن بعد كل عسر يسرا، وبعد كل شدة فرجا، وبعد كل مرض عافية، فتنعم بحياتك، فاجعل العزة مربوطة بربك، وتوكل عليه، لأن التوكل على الله فريضة دينية، كما قال تعالى ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)) [آل عمران ١٢٢].
وثق بنفسك، واعمل عملا صالحا، الله تعالى يقول: من عمل عملا صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانو يعملون (سورة النحل: ٩٧) قال الإمام العلامة عبد الرحمان بن ناصر السعدى في تفسير هذه الآية المباركة: الإيمان شرط في صحة الأعمال الصالحة وقبولها، بل لا تسمى أعمالا صالحة إلا بالإيمان، والإيمان مقتض لها فإنه التصديق الجازم المثمر لأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات، فمن جمع بين الإيمان والعمل الصالح {فلنحيينه حياة طيبة} وذلك بطمانينة قلبه وسكون نفسه وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه، ويرزقه الله رزقا حلالا طيبا من حيث لا يحتسب، ولنجزينهم في الآخرة أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون من أصناف اللذات مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.
وأحسن الظن بربك كما ورد في الحديث(( أنا عند ظن عبدي بي)) [متفق عليه]  أي أنا أعامله على حسب ظنه بى وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر ولاتنس ذكر الله ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) [سورة الرعد٢٨] والمراد بذكر الله هنا هو ذكر العبد لربه من تسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقيل: المراد بذكر الله هو القرآن، وقيل هو التوحيد. وهكذا علمنا نبينادصلى الله عليه وسلم الدعاء عندالمصيبة فيجب علينا أن نقول إذا أصابتنا مصيبة كما روى مسلم في صحيحه ((عن أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ اجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا أجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ". قَالَتْ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ أي أن الله أكرمها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1
Leave a Reply

avatar
3000
1 Comment threads
0 Thread replies
0 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
1 Comment authors
Abdul Aleem Shehab Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
Abdul Aleem Shehab
Guest
Abdul Aleem Shehab
شکراً ماشاءاللہ موضوعك المهم نفعني كثيرا اسلوبك ممتاز جدا فعبارة مقالك والله لاتسالني حتي القارى يتصل الي الأخير لا يتعب ولا يأس