في ظلال حديث: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ”

الدكتور عبدالرحمن السيد عبدالغفار بلح الحديث وعلومه

الحمدُ للهِ الْهَادِي مَنِ اسْتَهْدَاهُ، الواقِي مَنِ اتَّقاهُ، الكافي مَنْ تحرّى رضاهُ، حمداً بالغاً أمدَ التمامِ ومنتهاهُ، والصلاةُ والسلامُ الأتمَّانِ الأكملانِ على نبيِّنا والنبيِّينَ وآلِ كُلٍّ، ما رجى راجٍ مغفرتَهُ ورحماهُ، آمينَ ، وبعد:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وفي رواية : رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وفي رواية عند الترمذي (3435):”لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْحَكِيمُ”، وفي رواية في "مسند أحمد”، (2297):”لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ”، وفي رواية في "مسند أحمد”،(3354): ” كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ،لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "، وفي رواية عند ابن ماجة(3883): ” كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ "، وفي رواية عند البخاري في "الأدب المفرد "،(ص:369) زيادة :”اللهُم اصرِف شَرهُ”، وعند الطبراني في "المعجم الكبير”،(10772 ):”..اصْرِفْ عَنِّي شَرَّ فُلَانٍ "، وفي "مسند أحمد”، (2450 ):” ثُمَّ يَدْعُو "، وفي "جامع الترمذي”،(5/483)، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اللهُ لَكَ وَإِنْ كُنْتَ مَغْفُورًا لَكَ ؟ قَالَ : قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "، وعند النسائي في "الكبرى” (7630)، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كَلِمَاتُ الْفَرَجِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، وعند عبد بن حميد في "المنتخب من مسنده”،(657): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَلِمَاتُ الْفَرَجِ :” لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.
يقول النووي:” حديث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ جَلِيلٌ يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ عِنْدَ الْكُرَبِ وَالْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ قَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ السَّلَفُ يَدْعُونَ بِهِ وَيُسَمُّونَهُ دُعَاءَ الْكَرْبِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ يُسْتَفْتَحُ بِهِ الدُّعَاءِ”، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله عند كربه وإذا حزبه أمر أي: إذا نزل وألمَّ به أمر شديد، سُمِّي بدعاء الكرب لأنه ذِكْرٌ يُستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء ، وهذا الذكرُ من جوامع كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ففيه التوحيدُ الذي هو أصلُ التنزيهات المسمى بالأوصاف الجلالية، وفيه العَظَمَةُ التي تدل على القدرة، والحلمُ الذي يدل على العلم، وهما أصلُ الصفات الوجودية الحقيقية المسماة بصفات الإكرامية، وعند ذكر الله تعالى تطمئن القلوب ، وهذه الكلمات فيها تحقيق التوحيد، ومسألة العبد ربه وتعلق رجائه به، وحده لا شريك له، فيتيقن محقق التوحيد العامل بالطاعة أنه لا نفع ولا ضر ولا عطاء ولا منع إلاَّ من الله وحده ، وهذا الدعاء المبارك فيه كلمات إيمان، عظيمة، وتوحيد، وتعظيم، وإخلاص للَّه عز وجل بالإفراد له تعالى: بالألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات ينظر:” فقه الأدعية والأذكار”،( 4/ 186) بتصرف
قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام :”كانَ يَقولُ عِندَ الكَربِ” الْكَرْبِ: هو الحُزْنُ والغَمُّ الذي يأْخذُ بالنَّفْس وجمعه كُرُوبٌ وكَرَبه الأَمْرُ اشْتَدَّ عليه، يقول البغوي في "شرح السنة”،(5/122):”وَالْكَرْبُ: الْغَمُّ، الْحَلِيمُ: مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي لَا يَسْتَخِفُّهُ عِصْيَانُ الْعُصَاةِ، وَلا يَسْتَفِزُّهُ الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِقْدَارًا، فَهُوَ مُنْتَهٍ إِلَيْهِ”، ويقول ابن القيم في "الفوائد” (ص،٣٥):”والمكروه الوارد على القلب إن كان من أمر ماض أحدث الحزن، وإن كان من مستقبل أحدث الهم، وإن كان من أمر حاضر أحدث الغم”
” لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ”: في هذا الدعاء دلالة واضحة على أن أعظم علاج للكرب، هو التوحيد الخالص للَّه تعالى، وأن ترديد هذه الكلمات مُذْهِبٌ للكرب، والهمّ، والغمّ، فما دفعت شدائد الدنيا، وأهوال الآخرة بمثل التوحيد، فإذا قالها المسلم مُتأمِّلاً لمعانيها مُتفكِّراً في دلالاتها: سكن قلبه، واطمأنّت نفسه، وزال عنه كربه، وشدته، فلا يثبت الكرب والهمّ أمام كلمات التوحيد والتعظيم الخالص للَّه تعالى رب العالمين ، يقول ابن تيمية:”إن العبد في طلب ما ينفعه ودفع ما يضرُّه لا يوجه قلبه إلا إلى الله؛ فلهذا قال المكروب: «لا إله إلاَّ أنت»، فإنَّ هذه الكلمات فيها تحقيق التَّوحيد وتألُّه العبد ربَّه وتعلُّق رجائه به وحده لا شريك له وهي لفظ خبرٍ يتضمَّن الطَّلب، والنَّاس وإن كانوا يقولون بألسنتهم: لا إله إلاَّ الله فقول العبد لها مخلصًا من قلبه له حقيقة أخرى وبحسب تحقيق التَّوحيد تكمل طاعة الله، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}..” ، والثقة بالله تعالى في تفريج الكرب ورفع البلاء مما ينبغي أن يكون في اعتقاد المسلم في كل لحظة وكل حين
"العظيم”: هو اسم جليل لربنا عز وجل يدلّ على عظمة الذات، والصفات لله جلَّ وعلا، وهو من صفات الذات والفعل كذلك، فهو عظيم الشأن جليل القدر ، لا شيء أعظم منه سبحانه ، وليس لعظمته بداية ولا لجلاله نهاية ،فلا يتعاظم عليه مسألةٌ؛ لأن الْعَظَمَة تَدُلّ عَلَى تَمَام الْقُدْرَة ، وأمام هذه العظمة لا بد أن يعلم الإنسان أنه ضعيف بخلقته وطبيعته، وقد دلّ عليه قوله تعالى:﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّه أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾، وغير ذلك من الآيات والأحاديث.
"الْحَلِيمُ”: هذا الاسم يدل على الصفح والأناة، فاللَّه تعالى لا يعجل العقوبة على عباده مع كثرة ذنوبهم وعصيانهم، بل يتجاوز عن الزلات ويعفو عن السيئات، بل يرزقهم ولا يحبس أفضاله عليهم، وهو من صفة الأفعال.
يقول ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم”،(6/557):”وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَلِيمٌ غَفُورٌ، أَيْ: يَرَى عِبَادَهُ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِهِ وَيَعْصُونَهُ، وَهُوَ يَحْلُمُ فَيُؤَخِّرُ وَيَنْظُرُ وَيُؤَجِّلُ وَلَا يَعْجَل، وَيَسْتُرُ آخَرِينَ وَيَغْفِرُ، وَلِهَذَا قَالَ:{إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}”، ويقول البيهقي في "الأسماء والصفات”،(1/94): ” قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى الْعَظِيمِ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَأَنَّ عَظِيمَ الْقَوْمِ إِنَّمَا يَكُونُ مَالِكَ أُمُورِهِمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَادِرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْصَى كُرْهًا أَوْ يُخَالَفَ أَمْرُهُ قَهْرًا ، فَهُوَ الْعَظِيمُ إِذًا حَقًّا وَصِدْقًا ، قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعَظِيمُ هُوَ ذُو الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ وَمَعْنَاهُ يَنْصَرِفُ إِلَى عِظَمِ الشَّأْنِ وَجَلَالَةِ الْقَدْرِ، وَمِنْهَا "الْعَزِيزُ” قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] ..”انتهي بتصرف ، ووجه ذكر اسمه تعالى "العظيم”، لأنه تعالى لا يتعاظم عليه شيء مهما كان، ومن ذلك تفريج الكروب والهموم، فكأنه يقول: يا رب أنت العظيم الذي لا يتعاظم عليك شيء، وأنت الحليم فلم تُعجِّل عليَّ عقوبتك مع كثرة ذنوبي، وأنت رب السموات والأرض، ورب أعظم مخلوقاتك عرشك العظيم، أسألك أن تَفْرُجَ عنِّي: كربي، وهمّي، وغمّي، ووجه ذكر اسمه تعالى "الحليم” في هذا الدعاء المبارك: لأن كرب المؤمن غالباً يكون بسبب تقصيرٍ في حق ربه؛ فإن المصائب بسبب الذنوب قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾، وقد يكون حصول الكرب بسبب الغفلة، وفي تكرير ذكر العرش لأنه أعظم المخلوقات، والموجودات وتنبيهاً على عظم شأن خالقه عز وجل فإن من كان كذلك لا يعجزه أي أمر مهما كان، واقتران اسمه تعالى:”العظيم الحليم”: دلالة على كمال آخر غير الكمال في إفراد أحدهما، ففي اقترانهما دلالة كمال عظمته مع حلمه تعالى عكس البشر، فإنه قد يكون عظيماً، وليس بحليم، وقد يكون حليماً وهو ذليل، فهو تعالى لم تمنعه عظمته من الحلم بخلقه، ولم يكن حلمه جل وعلا عن ضعف وعجز، بل عن كمال العظمة والجلال، وكذلك سعة حلمه مع كمال عظمته جل وعلا، فهو العظيم الحليم على الإطلاق ، يقول ابن علان في "دليل الفالحين”،(7-306):”وحكمة تخصيص الحليم بالذكر أن كرب المؤمن غالباً إنما هو من نوع، تقصير في الطاعات، أو غفلة في الحالات، وهذا يشعر برجاء العفو المقلل للحزن، وكون الحلم حقيقة الطمأنينة عند الغضب؛ وذلك لا يطلق عليه تعالى يجاب عنه بأن المراد به لازمها، أي: تأخير العقوبة وإطلاق الدعاء على هذا؛ لأنه يفتتح به الدعاء لكشف الكرب كما تقدم نظيره، واشتملت الجملة الثانية على التوحيد والربوبية وعظم العرش، ووجه ذكر الرب من بين سائر الأسماء الحسنى، هو كونه مناسباً لكشف الكرب الذي هو مقتضى التربية، ووجه تخصيص العرش بالذكر كونه أعظم أجسام العالم فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى، وخص السموات والأرض بالذكر لأنهما من أعظم المشاهدات انتهى ملخصاً”.
الكريم: هذا الاسم للَّه تعالى يدل على سعة خيراته وفضائل كرائمه التي لا تحد ولا تعد فهو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، فمن كمال كرمه تعالى أنه تعالى يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما فارغتين دون عطاء، وهو يدل على صفة الذات والفعل
العرش: هو سرير الملك وهو أعظم المخلوقات، فوق جميع العباد استوى عليه تعالى استواء يليق بجلاله وعظمته، واستوائه جل وعلا من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته، فاستواؤه على العرش معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، أما علوّه تعالى فهو من الصفات الذاتية ، وفي الحديث التوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لها: فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم حينما يتوجه إلى ربه بالدعاء أن يذكر في دعائه خصائص الربوبية والأسماء والصفات الدالة على توحيد الإثبات والمعرفة، والتي لها علاقة بدلائل الآيات الكونية؛ لأنها من أعظم الدلائل على وحدانية الله سبحانه، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب فيقول:”لا إله إلا الله العظيم الحليم.”، و”..كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ : كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ : اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ” أخرجه مسلم(770)، ويقول ابن حجر في "فتح الباري”،(11/147-148):”وَقَالَ الطِّيبِيُّ صَدَّرَ هَذَا الثَّنَاءَ بِذِكْرِ الرَّبِّ لِيُنَاسِبَ كَشْفَ الْكَرْبِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى التَّرْبِيَةِ، وَفِيهِ التَّهْلِيلُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهُوَ أَصْلُ التَّنْزِيهَاتِ الْجَلَالِيَّةِ وَالْعَظَمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الْقُدْرَةِ وَالْحِلْمُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ إِذِ الْجَاهِلُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حِلْمٌ وَلَا كَرَمٌ وَهُمَا أَصْلُ الْأَوْصَافِ الْإِكْرَامِيَّةِ، قَالَ الطَّبَرِيّ معنى قَول بن عَبَّاسٍ يَدْعُو وَإِنَّمَا هُوَ تَهْلِيلٌ وَتَعْظِيمٌ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيمُ ذَلِكَ قُبَيْلَ الدُّعَاءِ، وَإِذَا بَدَأَ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ الثَّنَاءِ كَانَ عَلَى الرَّجَاء ثَانِيهمَا مَا أجَاب بِهِ بن عُيَيْنَةَ فِيمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَأَلت بن عُيَيْنَةَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ وَلَكِنْ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ ،…، قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ فَقَالَ رَجُلٌ أَكَانَتْ لِيُونُسَ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤمنِينَ وَقَالَ بن بَطَّالٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ كُنْتُ بِأَصْبَهَانَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَهُنَاكَ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ مَدَارُ الْفُتْيَا فَسُعِيَ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَسُجِنَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بالتسبيح لَا يفتر فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ يَدْعُو بِدُعَاءِ الْكَرْبِ الَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَأَصْبَحْتُ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا بِهِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى اخْرُج انْتهى واخرج بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ انْظُرِ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ فَاجْلِدْهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن فَقَالَ يَا بن عَمَّ تَكَلَّمْ بِكَلِمَاتِ الْفَرَجِ يُفَرِّجِ اللَّهُ عَنْكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي فَقَالَهَا فَرَفَعَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رَأْسَهُ فَقَالَ أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ كُذِبَ عَلَيْهِ خَلُّوا سَبِيلَهُ فَسَأَكْتُبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِعُذْرِهِ فَأَطْلَقَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا زَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ابْنَتَهُ قَالَ لَهَا إِنْ نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ فَاسْتَقْبِلِيهِ بِأَنْ تَقُولِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الْحَسَنُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الْحَجَّاجُ فَقُلْتُهُنَّ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَكَ فَلَأَنْتَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَزَادَ فِي لَفْظٍ فَسَلْ حَاجَتَكَ ..” انتهي بتصرف ، ويقول ابن هُبيرة في "الإفصاح”،(3/86-87):”في هذا الحديث من الفقه أن الكرب والغم لا يزيله إلا الله، وهذه الكلمات إذا قالها عبد مؤمن عند مخافته؛ آمنه الله عز وجل من المخوف، فإذا قالها عند الخوف فقد عزل ذلك الشيء المخوف من رتبة أن يخاف لقوله:”لا إله إلا الله” ففي ضمن هذه أن لا يخاف غيره، وأن من يؤمن بهذه الشهادة فمن ضرورة الإيمان بها أن لا يخاف سوى الله عز وجل؛ لأن من عداه قاصر أن يفعل شيئًا ما إلا بتسليط من لا إله إلا هو، فيكون الخوف والرجاء معنيين لمن لا يفعل شيء في الوجود إلا عن إذن منه أو إقدار لفاعله على فعله، ثم أتبعها "بالتعظيم”، وكان هذا النطق تاليًا لما تقدم من التوحيد مشعرًا كل سامع بالعظمة التي لا يقوم لها شيء بحيث صغرت الخلائق والموجودات كلها، والسموات والأرض عند ذكر هذه العظمة بحيث لم يبق لناطق جرأة على قول إلا بعد أن يتبع هذا النطق بقوله: "الحليم” فهذا كله بقوله لنفسه أن عظمته التي لا يقوم لها شيء لا يوازيها إلا حلمه تعالى وجل جلاله، ويقتضي إتباع العظمة بذكر الحلم أيضًا أن الناطق بهذا القول يتخوف أن يكون قد عصى الله سبحانه وأغضبه لما خطر في قلبه خوف لغيره فخاف من سخطه فأتبع ذلك بما تداركه بقوله:”وهو العظيم الحليم” وفيه أيضًا أن المتجرئ عليك الذي أخافك إنما تجرأ عليك بحكم الله سبحانه لا أنه قدر أن يفعل ذلك مراغمة،…..، فأما ذكر العرش؛ فلأنه أكبر المخلوقات وأعلاها، وكل مخلوق تحته ودونه، فإذا آمنت بأن الله رب العرش العظيم، فإن العرش قد اشتمل على جميع المخلوقات، فلما ذكر التوحيد والعظمة والحلم والعرش العظيم نزل إلى ذكر السموات والأرض، فأقر بأنه خالقهما، ثم عاد فصعد إلى أعلا المخلوقات، فقال:”رب العرش الكريم”، ولما وصف العرض بالعظم وصفه بالكرم، وليس كل عظيم كريمًا فجمع له الوصفين؛ أي أنه عظيم الخلقة، وهو كريم على خالقه؛ وذلك لأنه ذكر الكون من جهته بقوله:”رب العرش العظيم”، ثم ذكر بعد ذلك "رب السماوات والأرض” أي رب التحت والفوق، ثم أعاد بعد ذلك فكرر ذكر العرش، وأنه كريم، وإذا قال هذه الكلمات موقن بها زال كربه، وأي كرب يبقى مع هذه الكلمات العزيزة” انتهي ، إن كل المعاني والنصوص السابقة تؤكد للمسلم ضرورة وأهمية الثقة في الله تفريج كل كرب وشدة ونازلة مهما عظمت
ونسوق نماذج من الكلام النبوي فيه تمجيد وثناء وحمد الله بأسمائه وصفاته، ودعاء له بها:
وَمِمَّا وَرَدَ مِنْ دَعَوَاتِ الْكَرْبِ مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِيهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق أبي الجوزاء عَن بن عَبَّاس مثله وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَفَعَهُ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إله الا أَنْت ، وعَن أَبي هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَخْبِرْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ ، قَالَ : قُلِ : اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ” أخرجه أبو داود في "سننه” (5067) والترمذي في "جامعه” (3392)، وعَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ بأَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ ، فَقَالَ لَهَا: إِذَا دَخَلَ بِكِ فَقُولِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، ” وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى اللهُ عليه وسلَّم – كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ هَذَا ” , قَالَ: فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا،أخرجه أبو داود في”سننه”،(5090)، وأحمد في "المسند”( 20447 )، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ – رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم:” دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو , فلَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ , وَأَصْلِحْ لِي شَأنِي كُلَّهُ , لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه – قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ – صلى اللهُ عليه وسلَّم – إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ” أخرجه الترمذي ( 3524 )، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم:” أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ ” أخرجه الترمذي(3524 )،وَعَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقِي يَقُولُ: امْسَحِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ ، لَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ” أخرجه البخاري(5744 )، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ ، إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ بَصَرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي . إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ , يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ؟ قَالَ : أَجَلْ ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ”، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَى عُمَرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ ثَقِيلًا ، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا أَبَا فُلَانٍ ، لَعَلَّكَ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ يَا أَبَا فُلَانٍ؟ قَالَ : لَا ، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا أَشْرَقَ لَهَا لَوْنُهُ ، وَنَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا هِيَ . قَالَ : وَمَا هِيَ؟ قَالَ : تَعْلَمُ كَلِمَةً أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ . قَالَ طَلْحَةُ : صَدَقْتَ ، هِيَ وَاللهِ هِيَ”، أخرجه أحمد في "المسند”،( 1401)، وفي "الدر المنثور”،(2/139):”وَأخرج ابْن جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار عَن أَيُّوب إِن أَبَا قلَابَة كتب إِلَيْهِ بِدُعَاء الكرب وَأمره أَن يُعلمهُ ابْنه لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم سُبْحَانَكَ يَا رَحْمَن مَا شِئْت أَن يكون كَانَ وَمَا لم تشَاء لم يكن لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه أعوذ بِالَّذِي يمسك السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ أَن يقعن على الأَرْض من شَرّ مَا خلق وَمن شَرّ مَا برأَ وَأَعُوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ السامة والهامة وَمن الشَّرّ كُله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ يقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة”.
الفوائد المستنبطة من الحديث:
1-إن الدواء من الكرب توحيد الله عز وجل، وعدم النظر إلى غيره أصلاً، وهذا الذكر في وقت الغم إعلام بأنه لا يقدِرُ أحدٌ أن يُزيل الغمَّ إلا الله بذكر أسمائه الحسنى، وصفاتِه العُظْمى ، ومناسبة هذا الذكر لدفع الكرب اشتماله على صفات الجلالة والجمال فإذا قُوبلت ترجَّحت صفات الجمال، لأن رحمته غالبة غضبه ، ووجه تكرير الرب بالذكر من بين سائر الأسماء الحسنى، هو كونه مناسبًا لكشف الكرب الذي هو مقتضى التربية، واستحباب الدعاء بهذا الدعاء عند الكرب، يقول ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين”،(6/56):” فهذه الكلمات إذا قالها الإنسان عند الكرب كانت سببا في تفريج كربه”
2- إثبات اسمَي العظيم، والحليم، والكريم لله سبحانه وتعالى.
يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بالحِلم، وهي صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة، و الحليم اسم من أسمائه تعالى ، يقول الهراس في "شرح النونية” (2/ 81):”ومن أسمائه (الحليم) و (العفو)، فالحليم الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)} [فاطر: 45]”، ويقول الأمير في "التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير”،(4/125):”يتخلق العبد من هذا بالحلم عن معاجلة عداءه بالانتقام، وعن الطيش عند طروق ما لا تطيقه الأفهام”.
الْعَظَمَةُ: صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، والعظيم اسم من أسمائه ، يقول الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة”(1/130):”ومن أسمائه تعالى العظيم: العَظَمَة صفة من صفات الله، لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضاً، فمن الناس من يعظم لمال، ومنهم من يعظم لفضل، ومنهم من يعظم لعلم، ومنهم من يعظم لسلطان، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم لمعنى دون معنى، والله عَزَّ وجلَّ يعظم في الأحوال كلها”.
3- تقرير مبدأ الإيمان بالعرش، وأنه عظيمٌ كريم
4- من فضائل لا إله إلا الله أنها تفرج الكرب ، وهي التي يدخل بها العبد على ربِّه، ويصير في جواره، وهي مَفْزع أوليائه وأعدائه، فإن أعداءه إذا مسّهم الضّرّ في البرّ والبحر فزِعوا إلى توحيده، وتبرَّأوا من شركهم، ودَعَوْه مخلصين له الدين. وأما أولياؤه فهي مفزعهم في شدائد الدنيا والآخرة، ولهذا كانت دعواتُ المكروب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، …” ، ولو أردنا أن نذكر كل ما ورد في فضلها لطال الكلام، وما وسعه المقام، وكيف لا وقد كون الكون وأرسل الرسل وأنزل الكتب لأجلها أي لأجل معناها والعمل بمقتضاها وذلك تعبد الله وحده لا شريك له فلا تنيب إلا إليه ولا توكل إلا عليه وتقبل على الله بقلبك وقالبك وترضى وتسلم الأمور كلها إليه وتعلم أنه عليم بمصالح العباد وحكيم بوضع الأشياء في مواضعها إن الله يفعل ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وتفر منه إليه عند الشدائد وتشكره عند الرخاء وتعلم إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ونشهد أنّ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت كلها توحيدًا خالصًا لله تعالى، كان إِيمانُه توحيدًا، وكانت نيتُه توحيدًا، وكانت عبادتُه توحيدًا، وكان عملُه توحيدًا، وكان خُلُفه توحيدًا،{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161 – 163]، ونشهد أن كل توحيدٍ تحقق بعد مبعثه كان هو صلى الله عليه وسلم سببه بتوفيق المُسبِّبِ ونَصرِه سبحانه، فصلِّ اللهم على نبيك ورسولك محمد ما عَمرَ قلبٌ بتوحيدك، وما استضاءَ مُجتمع بنور الإِيمان بك، وارْضَ اللهم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ما دار الفَلَك على شاهِدين بالوحدانية لك خير منهم بعد الأنبياء والمرسلين
5-التَّسْبِيحُ وَالْحَمْدُ وَالتَّهْلِيلُ قَدْ يُسَمَّى دُعَاءً، قَالَ الطَّبَرِيُّ: كَانَ السَّلَفُ يَدْعُونَ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَيُسَمُّونَهُ دُعَاءَ الْكَرْبِ، وَالَّذِي يَقْطَعُ النِّزَاعَ وَأَنَّ هَذَا يُسَمَّى دُعَاءً وَإِنْ لَمْ يكن فيه من معنى الدعاء شي وَإِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ ما رواه النسائي عن سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دعوة ذي النون إذا دَعَا بِهَا فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فإنه لن يدعو بها مسلم في شي إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ”، الثَّالِثَةُ:مِنَ السُّنَّةِ لِمَنْ بَدَأَ بِالْأَكْلِ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ عِنْدَ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَيَحْمَدَهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ اقْتِدَاءً بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا” . بتصرف من ” الجامع لأحكام القرآن”، للقرطبي (8/314)
يقول محمد رشيد رضا في "تفسير المنار”،(9/361):”وَلِلذِّكْرِ الْمَحْضِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ فِي تَغْذِيَةِ الْإِيمَانِ، وَمُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى وَحُبِّهِ وَالْخُشُوعِ لَهُ، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ، وَاحْتِقَارِ مَصَائِبِ الدُّنْيَا، وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَالتَّأَلُّمِ لِمَا يَفُوتُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَعِيمِهَا،… وَالْأَدْعِيَةُ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى نِدَاءً أَوْ غَيْر نِدَاءٍ كَثِيرَةٌ، تُرَاجَعُ فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ، وَكِتَابِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ لِابْنِ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ، وَأَسْمَاءُ اللهِ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّهَا حُسْنَى بِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى مُنْتَهَى كَمَالِ مَعْنَاهُ، وَتَفْضِيلِهَا عَلَى مَا يُطْلَقُ مِنْهَا عَلَى الْمَخْلُوقِينَ، كَالرَّحِيمِ وَالْحَكِيمِ وَالْحَفِيظِ وَالْعَلِيمِ” انتهي بتصرف، ويقول حمزة قاسم في "منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري”، (5/210-211):”ومن هذا يتضح لنا أن من أهم وسائل الطب النفسي وقايةً وعلاجاً هو تقوية الإيمان والعقيدة واليقين. أما العلاج النفسي الثاني في نظر الإِسلام فهو في الأذكار والأدعية المأثورة، والرقى الصحيحة المشروعة بالآيات القرآنية والأذكار والأدعية النبوية، وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: ” لا إله إلا الله العظيم الحليم..” فهذا ذكر نبوي مأثور لعلاج الإنسان من أزمته النفسية، وكشف همومه القلبية التي يعانيها، ثم هو بالاضافة إلى ذلك دعاء مستجاب لقضاء الحاجة التي تهم ذلك الإنسان، وتحقيقها له إن كانت خيراً، أو تعويضه بأحسن منها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” من كثرت همومه وغمومه فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلاّ بالله ” ولكن هذه الأدعية والأذكار لا تعمل عملها في علاج النفس وشفائها إلاّ إذا اقترنت بالعلم بمعناها، واليقين بجدواها ولا شك أن هناك بعض الأعمال كالميكروبات الضارة وهي المعاصي والذنوب، فمن أراد سلامة نفسه من الأمراض النفسية فليجنبها المعاصي والذنوب”، ولذا يستفاد من الحديث استحباب الدُّعَاء عند الهمِّ أو الغمِّ أو الحُزن بهذا الذِّكْر، ووجوب الفزع إلى الله بالدُّعَاء عند نزول المصائب والكروب، وقد عقد الشقيري في كتابه: ” السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات”،(ص:76)، فصل فِي أذكار الكرب وَالْغَم والحزن والهم”،وعقد ابن القيم في كتابه :”الطب النبوي”،(1/146):” فصل في هَدْيه صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والغم والحزن”، فليراجع.
وفي النهاية:
هذا الحديثُ يعلِّمنا كيفيةَ التعاملِ مع الهمِّ والغمِّ؛ سواء كان في الدِّين أو الدنيا، فمن أُصيب بهمٍّ أو غمٍّ، فعليه أن يقول هذا الذِّكر: كلما أثنى الداعي على الله أكثر، كان أقرب للإجابة،فإذا لهج العبد بهذه الأدعية بقلبٍ حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده في تحصيل أسباب الإجابة، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له، وانقلب همه فرحًا وسرورًا،والمسلم الذي يحب ربه، والذي يحسن الظن به، إذا ضاق صدره أو ابتلي ببلاءِ يفزع إلى ذكر ربه، فليس من أحد قادر على تفريج كربه إلا هو سبحانه وتعالى وجل شأنه:
وكمْ للهِ منْ تدبيرِ أمْرٍ … طَوَتْهُ عنِ المشاهدة ِالغُيوبُ
وكمْ في الغيبِ مِنْ تيسيرِ عُسْرٍ … ومِنْ تفْريجِ نائبةٍ ٍ تنوبُ
ومِنْ كَرَمٍ ومِنْ لُطفٍ خَفِيٍّ … ومِنْ فَرَجٍ تَزولُ بهِ الكُروبُ
ومَاليَ غيرُ بابِ اللهِ بابٌ … ولا مَوْلَى سِواهُ ولا حَبيبُ
كريمٌ مُنعمٌ برٌّ لطيفٌ … جميلُ السِّترِ للدّاعِي مُجيبُ
حليمٌ لا يُعاجِلُ بالخطايَا … رَحيمٌ غيثُ رحمتِهِ يَصُوبُ
يراجع: ” دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ”،(2/653)،و”الأنس بذكر الله”،(ص:233)
” وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا وَحَسْبُنَا اللَّهُ ونعم الوكيل ”
الحواشي: -أستاذ الدراسات الإسلامية ، مساء الثلاثاء الموافق :14 من شهر جمادي الآخر 1442ه، 26 يناير 2021م
– مستلةً من مقدمة ابن الصلاح رحمه الله لكتابه:” معرفة أنواع علوم الحديث”،(ص:71)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (6345) ، (6346) ، (7426) ، (7431) ومسلم في "صحيحه” (2730)
– ينظر: "شرح صحيح مسلم”، للنووي ،( 17/ 77)،و "شرح الدعاء من الكتاب والسنة”،(ص:329)
– "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري”،للكرماني، (22/149)
– ينظر: "اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح”،(15/383)
– يراجع: التوضيح عن توحيد الخلاق ..”،(ص:302)، و”الهدي النبوي في تربية الأولاد في ضوء الكتاب والسنة”،(ص:151)
– يراجع أيضًا : "الجواب الكافي "، لابن القيم (ص: 178)
– ينظر:” فقه الأدعية والأذكار”،( 4/ 186) بتصرف، و” العقيدة في الله”،(ص:217-218)
– ينظر: "مجموع الفتاوى”،لابن تيمية،(10/ 259) بتصرف
-ينظر” ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة”،(ص:46)
– ينظر:” فقه الأدعية والأذكار”،( 4/ 186) بتصرف
– يراجع:” شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّنَّة”،(ص:151-153)
– يراجع:” الإبانة عن أصول الديانة”، (ص:105-110)
– ينظر:” الآيات الكونية دراسة عقدية”،(ص:110)
– يقول القسطلاني في "إرشاد الساري”، (10/397):” قال النووي: فإن قيل: فهذا ذكر وليس فيه دعاء يزيل الكرب فجوابه من وجهين. أحدهما: أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء.والثاني: هو كما ورد من شغله ذكري مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين”، ويقول القرطبي في "المفهم”،(7/57)قلت: وهذا الكلام حسن، وتتميمه أن ذلك إنما كان لنكتتين:إحداهما: كرم المثنى عليه، فإنه إذا اكتفى بالثناء عن السؤال دل ذلك على سهولة البذل عليه، والمبالغة في كرم الحق، وثانيهما: أن المثني لما آثر الثناء، الذي هو حق المثنى عليه على حق نفسه الذي هو حاجته، بودر إلى قضاء حاجته من غير إحواج إلى إظهار مذلة السؤال؛ مجازاة له على ذلك الإيثار، والله تعالى أعلم، ومما قد جاء منصوصا عليه وسمي دعاء، وإن لم يكن فيه دعاء ولا طلب، ما أخرجه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له”.
-يراجع :” إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم”، للقاضي عياض (8/225)
– ينظر:” ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة”،(ص:54)
– من كلام ابن حجر في "فتح الباري”،(11/147-148)
-ينظر: "المفاتيح في شرح المصابيح”،(3/219)،و”شرح مصابيح السنة”،لابن الملك (3/189)،و”تطريز رياض الصالحين”،(1/821)
-ينظر:”الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري”،(10/85)
-يراجع:” صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة”،(ص:138)
-يراجع:” صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة”،(ص:253)
– يقول ابن أبي العز في :” شرح العقيدة الطحاوية”،(ص:254): قَوْلُهُ: (وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ حَقٌّ).كَمَا بَيَّنَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، قَالَ تَعَالَى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}،{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ}، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، في غير ما آية من القرآن، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}،{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}، {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} ، وَفِي دُعَاءِ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ»، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ»، بتصرف
– ينظر:”تنبيه المؤمن الأواه بفضائل لا إله إلا الله”،(ص:104)
-ينظر:”إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان”،(2/854)
-ينظر:”فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد”،(ص:143)
-ينظر:” مجمل اعتقاد أئمة السلف”،(ص:21)
– مابين المعقوفين مستلةً من ختم النووي رحمه الله لكتابه :”المجموع شرح المهذب”،(9/404)

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of