شيخنا محمد خالد الفيضي

عبدالسلام بن صلاح الدين الفيضي المدني السير و التراجم

ببالغ الحزن و الأسى تلقينا نبأ وفاة شيخنا –صاحب القلم السيال- الشيخ محمد خالد الفيضي-رحمه الله- و ذلك في يوم الأحد الموافق 2 من شهر رمضان لعام 1443 هــ – 3/4/2022 م في تمام الساعة الثانية و النصف ظهراً ، فبلغ الخبر كهشيم المحتظر و انهالت رسائل التعازي و كتبت أحرف المواساة ، و كلمات الدعاء بالمغفرة و شآبيب الرحمة و بكى تلامذته و محبوه على وفاته، وقد خيَّم الأسى على أفراد أسرته كما خيَّم على تلامذته و محبيه،
و الشيخ محمد خالد الفيضي-رحمه الله- هو من عرفه من عرفه و تغافل عنه من لم يعرفه فالشيخ الفيضي أحد أركان السلفية في المنطقة و له جولة و صولة في الدعوة و التعليم و التربية و الإفادة، و قد قضى حياته كلها في خدمة الإسلام و المسلمين،و من يعتبر سيفاً بتاراً على المبتدعة و الصوفية .
فالشيخ هو :الشيخ المفضال و صاحب القلم السيال و الأديب الأردي الشهير /محمد خالد بن محمد حديث بن همة الله بن رضوان الله بن جوهر علي بن شبير علي الفيضي.
ولد الفيضي –رحمه الله- في قرية «شاتاباتر» بمديرية ديوغر –إحدى مديريات منطقة جاركند – و ذلك في 2/2/1959م و نشأ و ترعرع في كنف والديه نشأة صالحة طيبةً و شبَّ في بيت العلم و الشرف كما يتربى أبناء القرى على العفاف و الطهارة و حسن الأخلاق بدءً من تعليمه الأولي على أيدي الشيخ المعمر محمد طالوت الأنصاري فقرأ عليه بعض الكتب الابتدائية ثم اتجه إلى مديرية بستي-إحدى مديريات اترابراديش- ليلتحق بـــ«مدرسة شمس العلوم» الواقعة بـــ(سمرا) و كان يشرف عليها –آنذاك-الشيخ عبد المبين منظر-رحمه الله-فيسر الله له الاستفادة منه كثيراً, كان الشيخ المنظر يحبه كما يحب الأب ابنه و مكث فيها سنتين يطلب العلم و الفضل و من المشايخ الذين استفاد منهم هم: الشيخ الداعية و الخطيب المِصقع عبد المبين منظر، و الشيخ الشاعر عبد العليم ماهر البستوي.
كان الشيخ الفيضي –رحمه الله- يتطلع إلى حياةٍ أعلى و أسمى من حياته التي هو فيها لينهل من مناهل العلم و يغذي فكره الناضج منذ نعومة أظفاره و صغر سنه فاتَّجه-بعناية الله الربانية- إلى الجامعة الإسلامية فيض عام بمدينة مئو ليرتوي من علوم مشايخها الزاخرة فدرس فيها لمدة سنتين ثم انتقل إلى مدينة بنارس ليلتحق بالجامعة السلفية بها و يتسلح بالعلوم الشرعية و الثقافة الإسلامية على أيدي مشايخها البارزين و أساتذتها النابغين و فطاحلها الألمعيين قضى فيها سنتين دراسيتين، استفاد خلالها من علوم مشايخها و على رأسهم الشيخ شمس الحق السلفي و الشيخ صفي الرحمن الرحمن المباركفوري و الشيخ إدريس آزاد الرحماني و الشيخ عبد الوحيد الرحماني و الشيخ الدكتور مقتدى حسن الأزهري و الشيخ محمد رئيس الندوي و الشيخ أنيس الرحمن الأعظمي و الشيخ عبد السلام المدني و الشيخ عبد الحنان الفيضيوغيرهم كثير ثم رجع إلى الجامعة الإسلامية فيض عام ليكمل مسيرته العلمية فيها حتى تخرج عامَ 1977م ، و قد استفاد و استفاضَ خلالها من مشايخها النابغين و على رأسهم الشيخ المفتي حبيب الرحمن الفيضي و الشيخ محمد حنيف الفيضي المدني و الشيخ محفوظ الرحمن الفيضي و الشيخ محمد أحمد الأعظمي و الشيخ نثار أحمد الفيضي وغيرهم يصعب ذكرهم.
و مما يذكر بجلاء أن أساتذته كانوا يحبونه و يقدرونه لما حباه الله من ذكاءٍ مفرطٍ ذهنٍ ثاقب ٍ وقادٍ، فكان قريباً من جميع أساتذته في جميع مراحله التعليمية
بعد تخرجه فيها عام 1977م قفلَ راجعاً إلى بلدته ليشارك في صناعة المجد و الأجيال و تربية الأنجال في المنطقة –داعيةً و مدرساً و معلماً و مربياً- فانخرط في سلك التدريس في الجامعة المحمدية بــــ(داباكيند)(و هي أحد المعاقل الدينية و المراكز الإسلامية في المنطقة) فقام بمهام الدعوة و التدريس و التعليم و التربية و الفكر و الإصلاح و بث الروح الإسلامي و نبذ البدع و الخرافات و دحر الشرك و الخزعبلات و محق الأباطيل و الضلالات و سعى في تطوير الجامعة المحمدية و تعميرها حتى بلغت الثريا في عصره،و كان المترجم اليد اليمني لأمينها العام الشيخ شفاء الله الفيضي-رحمه الله- في إدارة الجامعة و تسجيل قراراتها الإدارية في اجتماعاتها السنوية و أنظمتها و شؤونها التعليمية و وضع الجداول الدراسية و فهرسة الأعمال السنوية ، و قد كتب أثناء بقائه في الجامعة مقالات و رسائل عن الجامعة و أعمالها و منجزاتها و أنشطتها الدعوية و التدريسية و التعليمية، كما أن له مشاركات فعَّالة في اجتماعاتها و لقاءاتها النصفية و السنوية و ندواتها و محافلها و هو الذي كان يقدم في البرامج الدعوية و قد حباه الله الفصاحة في اللسان و الطلاقة في الكلام و ذوقاً خاصاً في الشعر و الأدب ،يحفظ الأبيات و القصائد لجمعٍ كبيرٍ من الشعراء و الأدباء و يستعملها في محلها.
الشيخ المترجم الفيضي –رحمه الله- كان يتمتع بالأخلاق الفاضلة و الشيم الزكية و المناقب الطاهرة و الذوق الرفيع للعلم و الأدب و كثرة المطالعة و الانهماك فيها، لقد كان مقبلاً على القراءة و المذاكرة إقبالاً شديداً لا يلتفت إلى الدنيا، طموحاً إلى العلا و المجد و طلب العلم، حريصاً لا يكاد الواصفون يصفون شدةَ حرصه و إقباله و ولعه بالكتب و المطالعة. كما أنه يتصف بالجوهرة اللامعة و الشجرة الفارعة و أعجوبة من أعاجيب الشباب الصالح و نابغة من نوابغ الدهر تردد اسمه في الأصقاع .
الشيخ المترجم صحافيٌ بارعٌ و له ذوقٌ خاصٌ في هذا الباب، يكتب فقلمه يمشي و لا يتوقف ،كما أنه كاتب شهيرٌ و خطيب نحريرٌ و متكلمٌ كبيرٌ و له صولات و جولات في القرى و الأرياف و له خطبٌ و محاضراتٌ.
و الشيخ الفيضي –رحمه الله- يعتبر من السلفيين الأقحاح الخلَّص ، كما يعتبر من الأركان السلفية الخالصة في المنطقة، و قد كان سيفاً بتاراً على البدع و الخرافات و الأباطيل و الترهات فرحمه الله رحمة الأبرار و أسكنه فسيح جناته
قام الفيضي –رحمه الله- بمهام التدريس و الدعوة و التربية و الإصلاح –جولةً و تعليماً-في الجامعة المحمدية بــ«داباكيند» بدءً من تخرجه في الجامعة الإسلامية فيض عام إلى أن ترسَّم تعيينه حكومياً و ذلك في عام 1988م حتى انخرط في سلك التدريس الحكومي في إحدى المدارس الحكومية في مدينة مدهوفور ثم انتقلت خدمته إلى قرية كروا –إحدى القرى القريبة من بيته-حتى تقاعد عن عمله عامَ 2018م بعد ما أدى دوراً بارزاً و نشيطاً في التعليم و التربية.
و الشيخ الفيضي-رحمه الله- قام التدريس و التعليم في الجامعة المحمدية أحسن قيام فقد كان مدرساً ناجحاً و معلماً بارعاً و مقدم البرامج محنكاً،قلما يوجد له نظير في التقديم، بل لا يوجد له مثيل في المنطقة بتاتاً، و له اليد الطولى في اللغة العربية و الفارسية و الأردية و الهندية على حدٍ سواء –تكلماً و تحدثاً و كتابةً-فله عديدٌ من المؤلفات من أهمها:
• نظرة إلينا (ایک نظر ادھر بھی)(رسالة مقدمة لأهل الخير للمشاركة في تقديم العطايا و التبرعات للجامعة المحمدية) ( باللغة الأردية)
• الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للشيخ السعدي(ترجمة أردية+هندية)
• ترجمة الشيخ شفاء الله الفيضي (باللغة الاردية)
• الرسالة العامة( ترجمة من العربية إلى اللغة الهندية)
• الصلاة و السلام على النبي الكريم ﷺ (ترجمة هندية)
• تفسير سورة الفاتحة (تأليف بـــ-الأردية+الهندية)
• و له مشاركة فعالة في كتابة البحوث في الجرائد و المجلات الهندية بعضها طبعت و البعض الآخر لم تر النور بعد.
المناصب التي تقلدها الشيخ الفيضي :
• اختير سكرتيرأ خاصاً لأمين عام الجامعة المحمدية و اليد اليمنى له
• مدير عام مؤسسة الصفا الواقعة في شاتاباتربمديرية ديوغر
• عضو فعال في جمعية أهل الحديث الإقليمية بالولاية(ولاية جاركند)
• أمير جمعية أهل الحديث المحلية المساعد بمدينة مدهوفور
• المشرف العام على:جمعية أهل الحديث الإقليمية (ص)سابقاً
• كما أنه يشرف على المجلة المسماة بـــ«شمعِ بيابان» (شمع الصحراء يعني ولاية جاركند) –وهي أول مجلة أصدرها الشيخ و يشرف عليها و هو رئيس التحرير لها و هي أول مجلة على مستوى الولاية باللغتين:(الأردية +الهندية) و يكتب المقالات لرئاسة التحرير دائماً.
• تلاميذه البررة :
سبق و أن ذكرنا أن الشيخ الفيضي –رحمه الله- قد قام بالتدريس بالجامعة المحمدية بداباكيند و قد استفاد من علمه الغزير و اطلاعه الواسع عدد كبير،منهم من برع في ميدان الصحافة و القلم و منهم من برز في مجال التعليم و التربية و منهم فاق بين أقرانه في مجال الدعوة و التوجيه و تلاميذه كثير يصعب ذكرهم و نذكر هنا أم من برز :
(1)الشيخ محمد جرجيس الكريمي الفيضي و له مؤلفات عديدة
(2)الشيخ نعمت الله العمري و له مشاركات دعوية فعالة
(3)الشيخ محمد كليم أنور محمد سعيد التيمي و قد لعب دوراً بارزاً في مجالات عديدة و ميادين متنوعة منها: مجال الدعوة و التأليف و الترجمة و الإدارة
(4)الشيخ الدكتور عبد المبين الفيضي و له مساهمات تعليمية في المنطقة
(5)الشيخ محمد نصير الدين بن محمد قربان الفيضي و هو من قرية المترجم-رحمه الله- و له أعمل جبارة في مجال التربية و التعليم و الدعوة و قام بعديدٍ من الإنجازات في مدينة رانشي-عاصمة الولاية – و قد خدم الدعوة السلفية هناك خدمة لا تنسى على مر الدهور
(6)الشيخ الدكتور عبد المعيد بن نوشاد عالم السلفي المدني و هو رجالات الدعوة و التعليم في المنطقة بل و غيرها من مناطق الهند
(7)الشيخ أشفاق أحمد بن سجاد حسين السلفي و له جهود في المنطقة كما أنه مؤلفات عديدة
(8)كاتب الأسطر/عبد السلام بن صلاح الدين –خريج الجامعة الإسلامية فيض عام بمدينة مئو نات بنجن و خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية ، و له مؤلفات عديدة باللغتين العربية و الأردية و قد كان معجباً بالشيخ الفيضي و بأدبه و أسلوبه
(9)و هناك كثير من تلامذته الذين يصعب ذكرهم و هم قد برزوا في مجالات عديدة و ميادين شتى متنوعة
أخلاقه و صفاته:
ويَهُزُّني ذكْرُ المروءةِ والندى vبين الشمائلِ هزةَ المشتاقِ
الشيخ الفيضي يتمتع بالأخلاق الفاضلة و الشيم الطاهرة و المناقب الجليلة و الخصال الكريمة، إذا لقيه شخص يستشعر أن أنه نديم قديم و صديق حميم، لين العريكة، متحمس في العقيدة السلفية لا يخاف في ذلك لومة لائم، كائناً من كان، شديد الغيرة على الدين و المنهج السليم،قوي الحجة، يشن هجماته على البدع و الخرافات و ينكر –بشدة و قوة- على المنكرات
مرضه و وفاته :
هكذا كانت حاله إلى أن أنهكه المرض فقعد في السرير الأبيض أشهراً عديدة حتى وافته المنية و ذلك في يوم الأحد الموافق:2/9/1443 هـــ – 3/4/2022م و قد دفن في مقبرة قريته(شاتا باتر) في اليوم الثاني من وفاته 3/9/1433 هـــ و قد شيع جثمانه بحضور لفيف من أهل العلم و الفضل و الصلاح من محبيه و قد خلف وراءه تراثاً علمياً كبيراً من كبار تلاميذه، كما ،ه وفاته –رحمه الله- تعتبر خسارة فادحة لمنطقة جاركند و رجالاتها و شخصياتهاو أعلامها فهو علمٌ من أعلام المنطقة البارزين أفنوا حياتهم في خدمة الدعوة و التعليم و التربية و الإصلاح و الإفادة و الحركة الفعَّالة،فرحمه الله رحمة الأبرار و أسكنه فسيح جنانه و ألهم أهله و ذويه الصبر و السلوان.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of