كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ، وَكَانَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ

الدكتور عبدالرحمن السيد عبدالغفار بلح

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِبُلُوغِ الْمَرَامِ مِنْ خِدْمَةِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِتَيْسِيرِ الْوُصُولِ إلَى مَطَالِبِهَا الْعَلِيَّةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ شَهَادَةً تُنْزِلُ قَائِلَهَا الْغُرَفَ الْأُخْرَوِيَّةَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي بِاتِّبَاعِهِ يُرْجَى الْفَوْزُ بِالْمَوَاهِبِ اللَّدُنْيَّةِ ﷺ وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ حُبُّهُمْ ذَخَائِرُ الْعُقْبَى وَهُمْ خَيْرُ الْبَرِّيَّةِ، وبعد:
أخرج الإمام مسلم في "صحيحه”، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ :” لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ”،وفي مسند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ :” إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ”،وعند الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :” إِنَّ اللهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي”،وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ اللَّهِ”،وأخرج أحمد في "مسنده”، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي السَّائِبِ قَالَ : حَدَّثَنِي حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَجَلَسَ، قَالَ : فَأَخَذَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَمِينَ وَاثِلَةَ فَمَسَحَ بِهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ : وَاحِدَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا ، قَالَ : وَمَا هِيَ؟ قَالَ : كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟ قَالَ : فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ : وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ حَسَنٌ ، قَالَ وَاثِلَةُ : أَبْشِرْ ؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ، وأخرج الطبراني في "الكبير”، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ بن مسعود: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَا يُحْسِنُ عَبْدُ اللهِ الظَّنَّ إِلَّا أَعْطَاهُ ظَنَّهُ ، وَذَلِكَ بَأَنَّ الْخَيْرَ فِي يَدِهِ "، في هذه الأحاديث بيان أن حسن الظن بالله من العبادات والطاعات القلبية العظيمة التي تدل على حب العبد لربه وتصديقه بوعده، وحسن الظن بالله من حسن العبادة، ومن أحسن ظنه بالله آتاه الله إياه، وقد أرشد النبي ﷺ أمته إلى حسن الظن بالله تعالى،والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال،وحسن الظن بالله سمة المؤمنين في حياتهم تطمئن به قلوبهم، فإن سوء الظن بالله أو ظن ما لا يليق به سبحانه هو صفة المنافقين والمشركين، قال تعالى:{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}[الفتح:] ،يقول النووي: قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَى: "حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى”: أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ ،قَالُوا : وَفِي حَالَةِ الصِّحَّةِ يَكُونُ خَائِفًا رَاجِيًا ، وَيَكُونَانِ سَوَاءً ، وَقِيلَ : يَكُونُ الْخَوْفُ أَرْجَحَ ، فَإِذَا دَنَتْ أَمَارَاتُ الْمَوْتِ غَلَّبَ الرَّجَاءَ أَوْ مَحْضَهُ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَوْفِ : الِانْكِفَافُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْقَبَائِحِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْأَعْمَالِ ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَوْ مُعْظَمُهُ فِي هَذَا الْحَالِ ، فَاسْتُحِبَّ إِحْسَانُ الظَّنِّ الْمُتَضَمِّنُ لِلِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْإِذْعَانِ لَهُ”،وقال القاضي عياض:” قيل: معناه: بالغفران له إذا استغفرنى ، والقبول إذا أناب إليّ ، والإجابة إذا دعانى، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه”،ويقول القرطبي:” قوله ﷺ: ” لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ” أي : استصحبوا الأعمال الصالحة ، والآداب الحسنة التي يرتجي العامل لها قبولها ، ويحقق ظنه برحمة ربه عند فعلها ، فإن رحمة الله قريب من المحسنين ، وعقابه مخوف على العصاة والمذنبين ،وحسن الظن بغير عمل غرة ، كما قال ﷺ:” الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ”، وهذا إنما يكون في حالة الصحة والقوة على العمل ، وأما في حال حضور الموت فليس ذلك الوقت وقتًا يقدر فيه على استئناف غير الفكر في سعة رحمة الله تعالى وعظيم فضله ، وأنه لا يتعاظمه ذنب يغفره ، وأنه الكريم الحليم الغفور الشكور المنعم الرحيم "،ويقول ابن القيم:” "أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظنّ بي ما شاء”، يعني: ما كان في ظنه، فإنّي فاعله به، ولا ريب أنّ حسن الظن إنّما يكون مع "الإحسان” فإنّ المحسن حسن الظن بربه أنّه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصرّ على الكبائر والظلم والمخالفات، فإنّ وحشة المعاصي والظلم والإجرام : تمنعه من حسن الظن بربه، وأحسن الناس ظنا بربه : أطوعهم له. كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل، فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه! وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاقي الله، وأن الله يسمع كلامه، ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيّع لأوامره، معطل لحقوقه، وهو مع هذا محسن الظن به؟ وهل هذا إلا من خدع النفوس، وغرور الأماني؟ ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله ، هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل : ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ، ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على العمل حسنُ الظن، وكلّما حسُن ظنُّه حسُن عملُه، وإلا فحسنُ الظن مع اتباع الهوى عجز "،وقال العظيم آبادي: قوله:”لَا يَمُوتُ أَحَدُكُمْ إِلَخْ”: أَيْ لَا يَمُوتُ أَحَدُكُمْ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَفِي حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ بِأَنْ يَغْفِرَ لَهُ ، فَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ عَنِ الْمَوْتِ وَلَيْسَ إِلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ ، لَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ حَالَةٍ يَنْقَطِعُ عِنْدَهَا الرَّجَاءُ لِسُوءِ الْعَمَلِ ، كَيْلَا يُصَادِفُهُ الْمَوْتُ عَلَيْهَا ، قَالَهُ عَلِيُّ الْقَارِيُّ "، ويقول السيوطي: "زَادَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "حُسْنِ الظَّنِّ” :”فَإِنَّ قَوْمًا قَدْ أَرْ دَاهُمْ سُوءُ ظَنِّهُمْ بِاللَّهِ ، فَقَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ:{ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[فصلت: 23]، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا يُحْسِنُ الظَّنُّ بِاللَّهِ مِنْ حَسُنَ عَمَلُهُ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ يَحْسُنْ ظَنُّكُمْ بِاللَّهِ ، فَمَنْ سَاءَ عَمَلُهُ سَاءَ ظَنُّهُ،وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّجَاءِ وَتَأْمِيلِ الْعَفْوِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قُزْوِينَ : يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّرْغِيبَ فِي التَّوْبَةِ وَالْخُرُوجَ مِنَ الْمَظَالِمِ ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَسُنَ ظَنُّهُ وَرَجَا الرَّحْمَةَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "شَرْحِ الْمُهَذَّبِ”: مَعْنَى تَحْسِينِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَظُنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْحَمُهُ وَيَرْجُو ذَلِكَ بِتَدَبُّرِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَفْوِهِ وَمَا وَعَدَ بِهِ أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَمَا سَيُبَدِّلُهُمْ مِنَ الرَّحْمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:” أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي”، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى،يقول السندي:” قَوْلُهُ :”لَا يَمُوتَنَّ . . . إِلَخْ ":أَيْ : دوموا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ الْمَوْتُ وَأَنْتُمْ عَلَيْهِ ، قِيلَ : الْأَمْرُ بِحُسْنِ الظَّنِّ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِحُسْنِ الْعَمَلِ إِذْ لَا يَحْسُنُ الظَّنُّ إِلَّا عِنْدَ حُسْنِ الْعَمَلِ”، إن حسن الظن بالله تعالى من صميم التوحيد، ومن واجبات التوحيد، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود:”وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الظَّنَّ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ظَنُّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَيْرَ فِي يَدِهِ”،وَقَالَ سُهَيْلٌ الْقُطَعِيِّ: رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَحْيَى لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا قَدِمْتَ بِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ:”قَدِمْتُ بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ مَحَاهَا عَنِّي حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ”، وقد مدح الله تعالى الذين أحسنوا الظن به، وأثابهم، وذم الذين أساءوا الظن به، فقال الله عنهم:{يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}[آل عمران: 154] ، ظن السوء ينافي الإِيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا، لأن الله قال عن أسمائه:{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: 180].فإذا ظن بالله ظن السوء؛ لم تكن الأسماء حسنى، وقال سبحانه في صفاته العلا:{وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ}[النحل: 60] وإذا ظن بالله ظن السوء، لم يكن له المثل الأعلى، فحسن الظن من العبادات القلبية التي طالما غفل عنها كثير من المسلمين، ومن أوجه الظن الحسن بالله أن تحسن الظن بالله في رزقك، وأنت تطلب الرزق تحسن الظن بالله أن الله سيرزقك، ويسوق رزقك إليك، وأنه سبحانه لن يضيعك، وبعض الناس من سوء ظنهم بالله إذا رأوا في الواقع أمور تنكرها عقولهم المريضة خرج ظنهم السيئ بالله على ألسنتهم، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كتَابِهِ: "السِّرُّ الْمَصُونُ”: "وَهَذِهِ حَالَةٌ قَدْ شَمِلَتْ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ أَوَّلَهُمْ إبْلِيسُ، فَإِنَّهُ نَظَرَ بِمُجَرَّدِ عَقْلِهِ فَقَالَ: كَيْفَ يُفَضَّلُ الطِّينُ عَلَى جَوْهَرِ النَّارِ؟،.. دَخَلْت عَلَى صَدَقَةَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِ وَكَانَ فَقِيهًا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الِاعْتِرَاضِ، وَكَانَ عَلَيْهِ جَرَبٌ فَقَالَ: هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى جَمَلٍ لَا عَلَيَّ، وَكَانَ يَتَفَقَّدُهُ بَعْضُ الْأَكَابِرِ بِمَأْكُولٍ فَيَقُولُ: بُعِثَ لِي هَذَا عَلَى الْكِبَرِ وَقْتَ لَا أَقْدِرُ آكُلُهُ، وَكَانَ رَجُلٌ يَصْحَبُنِي قَدْ قَارَبَ ثَمَانِينَ سَنَةً كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَمَرِضَ وَاشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ فَقَالَ لِي: إنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ، فَيُمِيتَنِي، فَأَمَّا هَذَا التَّعْذِيبُ فَمَا لَهُ مَعْنًى، وَاَللَّهُ لَوْ أَعْطَانِي الْفِرْدَوْسَ كَانَ مَكْفُورًا. وَرَأَيْت آخَرَ يَتَزَيَّا بِالْعِلْمِ إذَا ضَاقَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ يَقُولُ أَيْشٍ هَذَا التَّدْبِيرُ؟ وَعَلَى هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ إذَا ضَاقَتْ أَرْزَاقُهُمْ اعْتَرَضُوا، وَرُبَّمَا قَالُوا: مَا تُرِيدُ نُصَلِّي. وَإِذَا رَأَوْا رَجُلًا صَالِحًا يُؤْذَى قَالُوا: مَا يَسْتَحِقُّ، قَدْ حَافَ الْقَدَرُ”اعتراض على الله سبحانه وتعالى! إساءة ظن بالرب! ومن ظن أن الله لن ينصر أولياءه، وأن الله لن ينصر المؤمنين فهو مسيء الظن بالله، قال تعالي:{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }[ الحـج:15]، هذا الذي يظن أن الله لن ينصر رسوله، ولن ينصر دينه ،: هذا من سوء ظنك بالله، ألم يتعهد الله بأن ينصر من ينصره في الدنيا قبل الآخرة،{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[ المجادلة:21]،{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحـج:40]، فاحذروا أيها الإخوة أن يتسلط اليأس إلى أنفسكم إذا رأيتم النكبات والبلايا تنزل بالمسلمين الواحدة تلو الأخرى، فالله يرفع أقواماً، ويضع آخرين،{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[ الرحمن:29]،{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[ آل عمران:26] لا نقلق ولا نجزع؛ فالله سينصر دينه ولو بعد حين، وهذا يدعوا المسلم إلي التفاؤل والاستبشار، ولهذا كان ﷺ يتفاءل، وكل ذلك من تعظيم الله وحسن الظن به وتعلق القلب به، وأنه لا يفعل للعبد إلا ما هو أصلح له، التفاؤل يشرح الصدر، ويؤنس العبد، ويذهب الضيق الذي يوحيه الشيطان ويسببه في قلب العبد، والشيطان يأتي للعبد فيجعله يتوهم أشياء تضره وتحزنه فإذا فتح العبد على قلبه باب التفاؤل أبعد عن قلبه باب تأثير الشيطان في النفس،والفأل محمودا وممدوحا ومأذونا به وهو حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال ، يقول الزبيدي:” فقد كان رسول الله ﷺ يحب الفال وهو مهموز ويجوز التخفيف هو ان نسمع كلاما حسنا فتتيمن به وان كان قبيحا فهو الطيرة”،والتفاؤل من الصفات الحميدة التي كان يُحبُّها رسول الله ﷺ ، وهو من آثار حُسْنِ الظن بالله تعالى، والرجاءِ فيه، بتوقُّع الخير بما يسمعه من الكلم الطيب، من الأسس التي قامت عليها عقيدة الإسلام هو تفويض المسلم أموره لله رب العالمين مع أخذه بالأسباب كاملة، أي أنه يأخذ بالأسباب في أموره جميعها ويترك النتائج إلى الله،قال الحليميّ: كان النّبيّ ﷺ يعجبه الفأل؛ لأنّ التّشاؤم سوء ظنّ باللّه تعالى بغير سبب محقّق. والتّفاؤل حسن ظنّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظّنّ باللّه تعالى على كلّ حال، ويُعتبر التفاؤل من الصفات الرئيسة لأي إنسان ينشد السعادة والنجاح، يقول الماورديّ:” وَأَمَّا الْفَأْلُ فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلْعَزْمِ وَبَاعِثٌ عَلَى الْجِدِّ وَمَعُونَةٌ عَلَى الظَّفَرِ، فَقَدْ تَفَاءَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غَزَوَاتِهِ وَحُرُوبِهِ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ تَفَاءَلَ أَنْ يَتَأَوَّلَ الْفَأْلَ بِأَحْسَنِ تَأْوِيلَاتِهِ وَلَا يَجْعَلَ لِسُوءِ الظَّنِّ عَلَى نَفْسِهِ سَبِيلًا، ومن الآيات والأحاديث التي تبعث التفاؤل في قلوب المؤمنين:قال تعالى: {كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا * قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِ رَضِيًّا * يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً}[مريم: 1-9]،وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}[فصّلت:30-32]، ونحن بحاجة إلي التفاؤل وقت الأزمات والتفاؤل في نصر الله للمؤمنين وهذا ثقة بوعد الله وإيمان بمبشرات قرآنية ونبوية، قال تعالي:{وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا أي اتخذا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}، أي مصلى فيه لتأمنوا من الخوف، وكان فرعون منعهم من الصلاة، أي أتموها وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أي بالنصر والجنة، وفي تذييل الآية بالأمر بالصلاة والبشارة بالنصر ندرك دور الصلاة في المساعدة على التحمل، ودور التفاؤل وإشاعته في تجاوز أهل الحق المحنة وارتباط هذا بهذا، ومن ثم أمر الله المؤمنين بقوله :{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ..}[البقرة: 153]،ومن ثمّ كان ﷺ:”إذا حزبه أمر صلى” ،فَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى”،وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ ، وَرُؤِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُؤِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهَا ، وَرُؤِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُؤِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ”، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ . فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ : هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ ، فَسَلَّمَ وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ : فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ”،وَعن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ سَمِعَ كلمةً فأعجبتْه فقال: "أخذْنا فَأْلَكَ مِن فِيك”، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ ” ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ، وَكَانَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ ” ،وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ "، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحِبُّ الْفَألَ الْحَسَنَ ،وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ” ،ويَقُولُ: لَا طِيَرَةَ، وَأُحِبُّ الْفَألَ الصَّالِحَ "، قَالُوا: وَمَا الْفَألُ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: ” الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ”، وفي رواية: ” الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ "، وفي رواية: ” الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ” ، ففي هذه الأحاديث ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأل،والفأل -بفتح الفاء، وسكون الهمزة، ويجوز التخفيف- فسره النبي بالكلمة الصالحة يسمعها الإنسان، وفي بعض الروايات:” الكلمة الحسنة”، و” الكلمة الطيبة”، يقول ابن الأثير:”الفَأْل مَهْموز فِيمَا يَسُرُّ ويَسُوء، والطِّيَرَة لَا تَكُونُ إِلَّا فِيمَا يَسُوء، وَرُبَّمَا اسْتعملت فِيمَا يَسُرّ. يُقَالُ: تَفَاءَلْتُ بِكَذَا وتَفَأَّلْتُ عَلَى التَّخْفِيفِ والقَلْب، وَقَدْ أُولِعَ النَّاسُ بتَرك همْزِه تَخْفِيفًا، وإنَّما أحَبَّ الفَأْل، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أمَّلُوا فَائِدَةَ اللَّهِ تَعَالَى، ورَجَوْا عائدَتَه عِنْدَ كُلِّ سَبَبٍ ضَعِيفٍ، أَوْ قَويّ فَهُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَلَوْ غَلِطوا فِي جِهَةِ الرَّجَاءِ فإنَّ الرَّجاء لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِذَا قَطَعوا أمَلَهم ورَجَاءَهم مِنَ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرّ، وَأَمَّا الطِّيَرة فإنَّ فِيهَا سُوءَ الظَّنّ بِاللَّهِ وتوقُّعَ الْبَلَاءِ”،وذهب الزمخشري، وابن الأثير إلى أن الفأل يستعمل فيما يسوء وفيما سر، وأكثره في السرور، وأما الطيرة ففي الشؤم، وقد تستعمل فيما يسر، وتعقبهم ابن حجر فقال: وكأن ذلك بحسب الواقع، وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء، والفأل بما يسر، ومن شرطه أن لا يقصد إليه، فيصير من الطيرة.أ.هـ.، ولما كان الخير والشر كله مقدر من الله نفى النبي ﷺ تأثير العدوى بنفسها، ونفى وجود تأثير الطيرة، وأقر التفاؤل واستحسنه، وذلك لأن التفاؤل حسن ظن بالله، وحافز للهمم على تحقيق المراد، بعكس التطير والتشاؤم،فَفي قَوْلُهُ "وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ”: الفَأْلُ هُنَا هُوَ الاسْتِبْشَارُ بِحُصُوْلِ الخَيْرِ عِنْدَ سَمَاعِ مَا يَسُرُّ، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أَمَّلُوا الخَيْرَ مِنَ اللهِ تَعَالَى عِنْدَ كُلِّ سَبَبٍ فَهُم عَلَى خَيْرٍ، وَإِذَا قَطَعُوا آمَالَهُم وَرَجَاءَهُم مِنَ اللهِ تَعَالَى كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ القُدُسِيِّ:”أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي”، وَمِنْ جُمْلَةِ الأَمْثِلَةِ فِي التَّفَاؤُلِ المَشْرُوْعِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي حَدِيْثِ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ حِيْنَ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرو لمفاوضة المسلمين ، فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَصحَابِهِ:” لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ”، وعند البخاري مِن حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ (حَزْنًا) قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ:”مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي، قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ”، وَرُوِيَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” لَا تُسَمِّيَنَّ غُلامَكَ يَسَارًا، وَلا رَبَاحًا، وَلا نَجِيحًا، وَلا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ، فَيَقُولُ: لَا "،يقول البغوي:”قلت: معنى هَذَا أَن النّاس إِنَّمَا يقصدون بِهَذِهِ الْأَسْمَاء التفاؤل بِحسن ألفاظها ومعانيها، وَرُبمَا يَنْقَلِب عَلَيْهِم مَا قصدوه إِلَى الضِّدّ إِذا سَأَلُوا وقَالُوا: أَثم يسَار أَو نجيح، فَقيل: لَا، فتطيروا بنفيه، وأضمروا الْإِيَاس مِن الْيُسْر والنجاح، فنهاهم عَن السَّبَب الَّذِي يجلب سوء الظَّن، والإياس مِن الْخَيْر”،وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَى خَيْبَرَ لَيْلًا، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ اليَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ، وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:” خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ}[الصافات: 177]،وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَسْقِي ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ "، وفي رواية:” أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ”، وعند مسلم عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يُسْتَسْقَى هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ”، قال الباجي: "وَقَدْ حَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَحْوِيلَ الرِّدَاءِ عَلَى مَعْنَى التَّفَاؤُلِ لِلِانْتِقَالِ مِنْ حَالِ الْجَدْبِ إلَى حَالِ الْخَصْبِ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ”، ويقول السيوطي: "الْحِكْمَةُ فِي الْإِشَارَةِ بِظُهُورِ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ دُونَ غَيْرِهِ التَّفَاؤُلُ بِتَقَلُّبِ الْحَالِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ كَمَا قِيلَ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْمَسْئُولِ وَهُوَ نُزُولُ السَّحَابِ إِلَى الْأَرْضِ”، ويقول النووي:” قَالُوا: وَالتَّحْوِيلُ شُرِعَ تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ مِنَ الْقَحْطِ إِلَى نُزُولِ الْغَيْثِ وَالْخِصْبِ ، وَمِنْ ضِيقِ الْحَالِ إِلَى سَعَتِهِ”،وكان النبي ﷺ يتفاءل باللغة وألفاظها الجميلة، جاء إلى المدينة وهم يسمُّونها يثرب وهو اسم لا يخلو من إيحاءات سلبية، فسمَّاها النبي ﷺ "طابة” أو "طيبة” من الطيب والخير، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ : قَالَ ﷺ: أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى ، يَقُولُونَ يَثْرِبُ ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ”، وفي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقَالَ: أَنْتِ جَمِيلَةُ”، وهنا ندرك أن النبي ﷺ لم يسمّها مطيعة، وإنما سماها "جميلة”، وكلا الاسمين ذو دلالة إيجابية، لكنه ﷺ أشاد هنا بالجمال، وأراد أن يبين أنه أحد الأوصاف الحسنة، والجمال يشمل فيما يشمل جمالَ الظاهر والباطن، وجمال الخَلق والشكل، وجمال الخُلُق والمعنى، وجمال الجسد وجمال الروح، وهذا دليل على أن النبي ﷺ كان يحب اليسر والسهولة، ويكره الحزونة والثقل والارتفاع،وعند أبي داود أنه ﷺ غيَّر اسْمَ الْعَاصِ وَعَزِيزٍ وَعَتَلَةَ وَشَيْطَانٍ وَالْحَكَمِ وَغُرَابٍ وَحُبَابٍ وَشِهَابٍ؛ فَسَمَّاهُ هِشَامًا، وَسَمَّى حَرْبًا سلْمًا، وَأَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشِعْبَ الضَّلاَلَةِ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى، وبَنِي مُغْوِيَةَ سماهم بَنِي رشْدَةَ، فغيَّر العاصي كراهية لمعنى العصيان، وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام، وأما عَفِرَة فهي نعت الأرض التي لا تنبت شيئًا؛ فسمّاها خضرة على معنى التفاؤل حتى تخضر، وتغييره اسم حرب دليل أيضًا على كراهيته للحرب وتداعياتها وأثرها إلا حين تكون فرضًا مفروضًا لا مندوحة عنه،كان ﷺ يتفاءل بما يرى في منامه، وهذا المنام قدرٌ إلهي ليس بترتيبات مسبقة من أشخاص أو شخص، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ”،وهذا رجل من أهل المدينة ينسب إليه نوع من التمر، فهو ابن طاب، والرطب تبع بستان الرجل هذا تسمى عندهم، يطلق عليها رطب ابن طاب، انظر كيف أخذ تأويل المنام من الأسماء التي عُرضت في المنام، وهذا من تعبير الرؤى في المنام بالأسماء الحسنة، أخذ العاقبة من لفظة "عقبة” وأخذ الرفعة من لفظة "رافع” وأخذ طيب الدين، واستواء الدين، واكتمال الدين، من لفظة "طاب”، إنَّ الأنبياء عليهم السلام هم سادات المتفائلين في أحلك الظروف، والشدائد، واقرؤوا إنْ شئتم قصصَ القرآن؛ لتروا التفاؤلَ بادياً في تعاملهم مع الأزمات والمحن، خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين أصبح شيخًا كبيرًا ولم يُرزَق بعدُ بولد، فيدفعه حسْن ظنِّه بربه أن يدعوَه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات، آية:100]، فاستجاب له ربُّه ووهب له إسماعيلَ وإسحاق عليهما السلام، نبي الله يعقوب عليه السلام ضرب أروع الأمثلة في التفاؤل: فقد ادعى إخوة يوسف بأنَّ الذئب أكله، وابنه الآخَر اتُّهم بالسرقة وسُجِن، كما أخبروه، وعلى الرغم من مرور السنوات الطويلة إلاَّ أنه لم يفقد الأمل من رحمة الله، قال لهم: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾[يوسف :18]، وقال:﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]،موسى عليه السلام ومن معه عندما لحق بهم فرعون وجنوده وأصبح البحر أمامهم، والعدو خلفهم كان متفائلًا ومحسنًا للظن بربه، قال تعالى حاكيًا عنه {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون (61) قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين (62)} [الشعراء: 61 – 62]، وأم إسماعيل هاجر عندما تركها إبراهيم عليه السلام في مكة مع ابنها إسماعيل، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعها هنالك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم مضى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا، ونبينا محمد ﷺ كان من أعظم الناس تفاؤلًا وحسن ظن بالله، أخرج مسلم مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها أَنَّهَا قَالَتْ:” يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَاسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رُدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَامُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَامُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا”، وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي اللهُ عنها، لما نزل الوحي على النبي ﷺ ورجع إليها خائفًا يقول:”زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي. قَالَتْ: كَلَّا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”،النبي ﷺ علمنا أن رسالتنا هي رسالة التفاؤل الحسن رسالة التبشير بالخير وليس التنفير رسالة اليسر لا رسالة العسر قالﷺ:”فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”، وقد كان من خلق رسول الله ﷺ أنه يحب التفاؤل، ويكره التشاؤم ، لذلك نجد نبيَّنا ﷺ يستحضِر هذه الصفة في أحوال عسيرة، ومضائق شديدة، التفاؤل هذه الصفة النبيلة والخُلق الحميد، الذي كان نبينا ﷺ يتمثَّله أمام أصحابه واقعًا معاشًا، ولذا كان ﷺ يحضُر معه التفاؤل في أموره وأحواله كلها، في حِلِّه وترحاله، في حربه وسِلمه، في جوعه وعطشه، يحضُر عنده هذا الخُلق في أشدِّ الأحوال وأصعب الظروف، فإذا به يُبشِّر أصحابه بالخير الذي أمامهم، وهذا كله منطلق من حسْن الظنِّ بربنا، فَعَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا ، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا”،وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ : لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى فَقَالَ : أَيْنَ عَلِيٌّ فَقِيلَ : يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَأَمَرَ فَدُعِيَ لَهُ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ فَقَالَ : نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ : عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ”، في غزوة الأحزاب لما أحدق الخطر بالمدينة واجتمعت قريش وغطفان وأسد وفزارة وأشجع وقبائل، وقالوا هذه هي، ضربة واحدة، هجمة واحدة، اتحاد القبائل العربية المشركة للهجوم على المدينة، فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ قَالَ : وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ ، قَالَ : فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، قَالَ عَوْفٌ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ : بِاسْمِ اللهِ فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ : اللهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللهِ وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ : اللهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللهِ وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ : اللهُ أَكْبَرُ ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا”،وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ فَقَالَ يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا قَالَ فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلَادَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى قُلْتُ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ قَالَ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَلَيَلْقَيَنَّ اللهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَيَقُولَنَّ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ عَدِيٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ َيُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ”، التفاؤل من صفات الذين يدخلون الجنة بلا حساب، حيث قال النبي ﷺ:” يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، لا يَرْقُونَ، وَلا يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ”، وها هو ﷺ يُعيد هذا الفأل والتبشير بين أيدي أصحابه، في كل لحظة يكون عندهم شيء من النقص في هذا الجانب العظيم، وهكذا ما كان يطبِّقه ﷺ من الفأل لدى تعامُله في الأمور الحياتية اليومية، فتجده ﷺ إذا زار المريض يقول: "لا بأس طهور إن شاء الله”، حتى يفتح أبواب الأمل لهذا المريض بما سيكون له من الشفاء بأمر الله تعالى وتيسيره، التفاؤل هو توقع الخير، وهو الكلمة الطيبة تجري على لسان الإنسان، والتفاؤل كلمة، والكلمة هي الحياة! والتفاؤل هو الحياة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ ، فَتَقُولُ اتَّقِ اللهَ فِينَا ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا”،وهذا الحديث الشريف نص في أثر الكلمة واللسان والتفاؤل اللفظي على حياة الإنسان،فكن متفائلاً لتحيا حياةً سويةً ملؤها الصحة والنشاط وإياك والتشاؤم أو اليأس لأن هذا أمر مذموم في القرآن الكريم، قال تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]،وقال:{إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: 87]، ونظرًا لأن حياة الناس ملأى بالمنغصات وما يعكر الصفو ويبعث على الحزن والانكسار، وهبوط المعنويات والانهزامية وهذا لا يصلح مع الحياة، ولا يؤدي للنجاح، ومخالف لمنهج الإسلام نجد أن القرآن الكريم يحيي روح البشر فيقول تعالى:{وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا}[الكهف: 2]،وقال تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة : 155]،وقال تعالى:{وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}[الحج: 37]،إلى آخره من آيات التبشير، بل كل المصائب والشدائد إذا ما قُورنت برحمة الله وفضله هانت وتلاشت، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156- 157]. فتلك البشرى للمتفائلين الواثقين برحمة الله، وأعظم مصدرٍ للتفاؤل هو القرآن الكريم، الذي يمنحنا التفاؤل والفرح والسرور، ويعطينا الأمل، لأنه أكّد في العديد من آياته على التفاؤل والنظرة الإيجابية، والابتعاد عن السوداوية في الحياة، وعدم التطير، وحثّ الناس علي الأمل في قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة، آية:32]، وقوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد، آية:17]
من ثمرات التفاؤل وحسن الظن بالله:
1-يجلب السعادة والسرور إلى القلب، ويذهب عنه الهم والحزن، وهذا مطلوب شرعًا، ففي صحيح البخاري مِن حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”
2-فيه تقوية للعزائم، ومعونة على الظفر، وباعث على الجد والعمل، قَالَ تَعَالَى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 105]، وفي صحيح مسلم مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ”،لذا حذّر النبي المؤمن أن يصاب باليأس والإحباط والكسل، لأن ذلك يدفعه إلى النكد، وتكالب الهموم، والقعود عن فعل أي شيء، والعيش في ظلمات الضيق، ومن ثمّ تجد المتفائل ينجح في العمل؛ لأنه يستقبله بنفس راضية وصبر ودأب، ويعتبر أنه في مقام اختبار، وهو مُصِرّ على النجاح، ينجح بالزواج؛ لأن لديه القابلية الكبيرة على الاندماج مع الطرف الآخر والتفاهم وحسن التعامل، والاستعداد للاعتذار عند الخطأ، والتسامح عند خطأ الطرف الآخر، ينجح في الحياة؛ لأنه يعتبر أن الحياة بصعوباتها هي فرصة للنجاح، وإثبات الذات، وتحقيق السعادة، والناجح لا يتوقف عن العمل أبدًا بل هو في عمل دءوب، وقد قال الله تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]
3-فيه اقتداء بالسنة النبوية، فقد حثَّ النبي ﷺ على ذلك، يقول ابن القيم:”ليس في الإعجاب بالفأل ومحبته شيء من الشرك بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة، ومن حب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يوافقها ويلائمها، كما أخبرهم أنه حبب إليه من الدنيا النساء والطيب. وكان يحب الحلوى والعسل، ويحب حسن الصوت بالقرآن والأذان ويستمع إليه ويحب معالي الأخلاق، ومكارم الشيم، وبالجملة يحب كل كمال وخير وما يفضي إليهما. والله سبحانه وتعالى قد جعل في غرائز الناس الإعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته، وميل نفوسهم إليه، وكذلك جعل فيها الارتياح والاستبشار والسرور باسم الفلاح والسلام والنجاح والتهنئة والبشرى والفوز والظفر ونحو ذلك، فإذا قرعت هذه الأسماء الأسماع، استبشرت بها النفس، وانشرح لها الصدر، وقوي بها القلب، وإذا سمعت أضدادها، أوجب لها ضد هذه الحال، فأحزنها ذلك، وأثار لها خوفًا وطيرة وانكماشًا وانقباضًا عما قصدت له وعزمت عليه، فأورت لها ضررًا في الدنيا، ونقصًا في الإيمان، ومقارفة للشرك”
4-يرفع المعنويات ويمحو الانهزامية والانكسار ويزيد الإنتاج، ويبعث على النصر في نفوس الجنود، وقد وعد الله به عباده المؤمنين حيث قال:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم :47]،وقال تعالى:{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ}[محمد :35]، كما أن التفاؤل يكسب المرء القدرة على تجاوز الأفكار السلبية، وتنمية الأفكار الإيجابية والارتفاع بالقدرات الكامنة فينا كي لا يقع في براثن الإحباط والتشاؤم، لذا تجد المتفائل الحقيقي محب على الدوام لا يعرف الحسد والحقد والكراهية التي نهى عنها ديننا الحنيف.
5-يدفع العبد إلى الرجوع والتوبة عن المعصية حين يعلم أن الله يغفر الذنوب وهو أهل التقوى وأهل المغفرة، عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ ، فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا ، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا ، قَالَ: قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي ، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثَلَاثًا ، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ”
6-السعادة والطمأنينة: التفاؤل مسلك يفرضه الإيمان بالله والرضا بقضائه وقدره، أما التشاؤم فلا يستقيم مع صريح الإيمان، فكن متفائلًا وابتعد عن التشاؤم، وابتسم فإن الحياة لك ولمن حولك، فالمؤمنُ ينبغي أن يكون على هذا المنهج؛ أن يكون متفائلًا، ومنطلَق التفاؤلِ هو الكلمة الحسَنة، التي يَبني عليها الإنسانُ ما يكُون في المستقبل، حسْنَ ظنٍّ بربه ، وعلمًا منه؛ مِن هذا الإنسان أنه لا يكون في هذا الكون إلا ما أراده الله وقدَّره، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فإذا أصيب الإنسان بضد التفاؤل، من القنوط واليأس والإحباط، أدَّى به ذلك إلى أن يَقعد عما يجب عليه فعله، وأن يَعيش في ظلمات الضيق والنكد،لكن التفاؤل يُغيِّر منهجَ الإنسان، ويجعله يعيش حياة مستقرة مطمئنة؛ لأنه متوكل على الله ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ﴾[الطلاق: 3]، ونبينا كان منهجه في التفاؤل يتجلَّى في تطبيقه لقول الله:﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 216]، بل جعل النبيُّ ﷺ اليأسَ من الكبائر، فلمَّا سأله رجل عن الكبائر؟ أجابه بقوله: "الشِّرْكُ بِالله، وَالإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ الله، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله”،وقمّةُ التفاؤل اتصال القلب بالرب جل وتعالى، فالصلاة تفاؤل والذكر تفاؤل؛ لأنه يربط الفاني بالحي الباقي، ولأنه يمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادَّة، الدعاء تفاؤل؛ فإن العبد يدعو ربه فيكمل بذلك الأسباب المادية المتاحة له،كما في حديث جابر في الاستخارة حيث قدّم النبي الخير على الشر في هذا الحديث في قوله ﷺ:”إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي”، من باب التفاؤل، وهو الأليق مع الله، والأنسب لحال العبد، ففيه فقه الدعاء من حيث الألفاظ وانتقائها؛ وحسن اختيار مواضعها، فالتفاؤل إذن شعور نفسي عميق واعٍ، يوظف الأشياء الجميلة في أنفسنا ومن حولنا توظيفًا إيجابيًّا، إن التفاؤل هو الأمل والنظرة المستبشرة للغد، وتوقع الأفضل، والمتفائل قرينه النجاح، على عكس المتشائم الذي يعاني من الهزيمة والضعف والفشل، وهنا تظهر أهمية غرس روح التفاؤل وربط ذلك بحسن الظن بالله، لأن تفاؤل المؤمن إيجابي مقرون بالعمل فإن الفأل وحسن الظن بالله من الأمور التي ينبغي للمؤمن أن يحافظ عليها، فإنها تعطيه دافعًا للعمل والتقدم إلى الأمام، فإن المتفائل عنده أمل أن يكون حاله في مستقبله خيرًا من يومه، وبأن يعوض فيه ما فاته، وأن يتجاوز العقبات والمحن، وأن يحقق المصالح والمنافع التي ليست في حوزته اليوم، فالفأل ينبغي أن يكون حاضرًا عند الإنسان، وكثيرٌ من الناس إنما تكون عليه المضائق، وتشتد عليه الأحوال؛ لأنه أساء الظن بربه، والله سبحانه إذا أساء به عبدٌ الظنَّ كان الله له على مثْل ما ظن، ولو أن الإنسان صدق مع الله في حسْن ظنه به؛ لوجد خيرًا كثيرًا،فحريٌّ بنا أن نربِّي أنفسَنا ومَن حولَنا على هذه المشاعر السامية، والأخلاق الفاضلة، التي هي حقيقةً تُترجِم عقيدةً صحيحة في الله سبحانه وتعالى، وهي أيضًا خُلق كريم ينبغي أن يلتزمه الإنسان ويترسَّمه، وبخاصة حينما تشتد عليه الأحوال، وتضيق عليه الأمور، وإشاعة روح التفاؤل مما يبعث الهمة، ويدعو إلى اطراح الخور والكسل، ويقود إلى الإقبال على الجد والعمل ، والمتأمل في الأسماء الحسنى للخالق تعالى لن يجد بُداً من التفاؤل وحسن الظن به والثقة بما عنده من الخير والعطاء الجزيل، وحسن الظن بالله من العبادات الجليلة، والطاعات القلبية العظيمة التي تدل على حب العبد لربه وتصديقه بوعده،وقد ختم بعض العلماء كتبهم بالتفاؤل، يقول الغزالي: نختم الكتاب بباب في سعة رحمة الله تعالى على سبيل التفاؤل بذلك فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يحب الفأل وليس لنا من الأعمال ما نرجو به المغفرة فنقتدي برسول الله ﷺ في التفاؤل ونرجو أن يختم عاقبتنا بالخير في الدنيا والآخرة كما ختمنا الكتاب بذكر رحمة الله تعالى، ويقول النووي :”كتاب الاستغفار”: اعلم أن هذا الكتاب من أهمّ الأبواب التي يعتنى بها ويحافظ على العمل به، وقصدت بتأخيره التفاؤلَ بأن يختم الله الكريم لنا به، نسأله ذلك وسائر وجوه الخير لي ولأحبائي وسائر المسلمين آمين”،وقال ابن حجر في: "شرح المشكاة”: "يؤخذ منه أنّ من أدب الدعاء أن يختم بما يناسبه من أسمائه تعالى؛ لما فيه من التفاؤل بحصول المطلوب، والتّوسّل بما يوجب تعجيل إجابته وحصول طلبته”. انتهى.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَدَى الدَّوَامِ … عَلَى جَزِيلِ الْفَضْلِ وَالإِنْعَام، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالتَّسْلِيمِ … عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى الْكَرِيمِ
صَلَّى عَليه رَبُّنا وسَلَّمَا … وَصَاحِبَيْهِ نُعّمَا وَأَنعَمَا ، هُما الضَّجِيعانِ منَ الأَقْمارِ … قَد جَاورا في اللَّحْدِ خَيرَ جَارِ، ثُمَّ عَلَى عثمانَ مع عليّ … وسائر الأصحاب والوليّ
الحواشي
– أستاذ الحديث الشريف وعلومه ، عصر الثلاثاء: 5 من رمضان 1441ه ، 28 من أبريل2020م
– مستلةً من مقدمة الصنعاني لكتابه:” سبل السلام "،(1/11)
-أخرجه مسلم في "صحيحه”( كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب الْأمر بحسن الظن بالله تَعَالَى عند الموت ) (8 / 165) برقم: (2877)
– أخرجه أحمد في "مسنده” (2 / 1904) برقم: (9199)
– أخرجه الترمذي في "جامعه”،(4 / 195) برقم: (2388)، وقال:” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ”.
-أخرجه الترمذي في "جامعه”،( 3604)،وأحمد في "مسنده”،( 7956)،وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وقد ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، وذكر أن في إسناده سمير بن نهار، وهو نكرة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف.
-أخرجه أحمد في "مسنده”،(6 / 3460) برقم: (16263)، وابن حبان في "صحيحه” (2 / 401) برقم: (633)
-أخرجه الطبراني في "الكبير”،(9 / 154) برقم: (8772)
-ينظر:” شفاء الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر”،(ص:46)
-ينظر:” الأساس في السنة وفقهها”،(3/1458)
-"فتح الباري”،(10/ 215)
-"شرح صحيح مسلم”، للنووي (6/ 210)
– "إكمال المعلم” (8 / 172)
– أخرجه التِّرْمِذيُّ في "جامعه”،( 2459 )،من حديث أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ، وقال الترمذي وَمَعْنَى قَوْلِهِ: مَنْ دَانَ نَفْسَهُ” يَقُولُ: حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَيُرْوَى عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ تَقِيًّا حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ ، كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ . يراجع: "شرح رياض الصالحين”، لابن عثيمين (1 / 507 – 509)
-” المُفْهِم لما أَشْكَلَ من تلخيص كتاب مسلم "،(7/142-143)
– أخرجه أحمد في "الزهد” (1652)، من طريق سفيان عن رجل عن الحسن، فذكره.
– "الداء والدواء” (ص”41 – 50)
– "عون المعبود”، (3/158)
– في كتابِ: "حُسْنِ الظَّنّ باللهِ” لابن أبي الدنيا، واحدٌ وخمسون ومائة نصٍّ، ما بين آيةٍ وحديث، كلُّها تدعوك إلى التفاؤلِ، وترْكِ اليأسِ والقنوطِ، والمُثابرَة على حُسْنِ الظَّنِّ وحُسْنِ العَمَلِ، حتى إنك لتجدُ نصوصَ الوعدِ أعْظَمَ منْ نصوصِ الوعيدِ، وأدلَّةَ التهديدِ، وقد جعل اللهُ لكلِّ شيءٍ قدراً.انتهي من: "لاتحزن”، د.عائض القرني، (ص:409)
-أخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله”،(ص:19)،(ح:4 ) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ؛ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنَّ قَوْمًا قَدْ أَرْدَاهُمْ سُوءُ ظَنِّهِمْ بِاللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23]
-” المجموع شرح المهذب”،(5/108)
-” مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود” ،(2/799-800)
-"حاشية السندي علي ابن ماجه”،(2/542)
– أخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن”(ص:96)
– أخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن”،(ص:23)
– نقلًا عن ابن مفلح في كتابه:” الآداب الشرعية والمنح المرعية "، (2/193-194)، بتصرف.
– الفأل لغة: ضدّ الطّيرة ،والطيرة من الصفات المذمومة وهي الاسم من قولهم تطيرت من كذا وبه أي تشاءمت به وهي من الفأل الرديء، والجمع فئول، والفأل: أن يكون الرّجل مريضا فيسمع آخر يقول يا سالم، أو يكون طالب ضالّة فيسمع آخر يقول يا واجد فيقول تفاءلت بكذا، ويتوّجه له في ظنّه كما سمع أنّه يبرأ من مرضه أو يجد ضالّته، والفأل يكون فيما يحسن وفيما يسوء، قال أبو منصور: من العرب من يجعل الفأل فيما يكره أيضا، وفي الحديث:”لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصّالح”، والفأل الصّالح: الكلمة الحسنة. وقال: وهذا يدلّ على أنّ من الفأل ما يكون صالحا ومنه ما يكون غير صالح، وإنّما أحبّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الفأل؛ لأنّ النّاس إذا أمّلوا فائدة اللّه ورجوا عائدته عند كلّ سبب ضعيف أو قويّ فهم على خير، ولو غلطوا في وجهة الرّجاء فإنّ الرّجاء لهم خير، ألا ترى أنّهم إذا قطعوا أملهم ورجاءهم من اللّه كان ذلك من الشّرّ؟ وإنّما أخبر النّبيّ ﷺ عن الفطرة كيف هي وإلى أيّ شيء تنقلب.[ينظر: "لسان العرب”، (11/ 513- 514)، و”الصحاح”،(2/ 728)،و” شرح الشافية”، للرضي (1/ 99)]،واصطلاحًا: الفأل هو الكلمة الصّالحة أو الكلمة الطّيّبة أو الكلمة الحسنة مصداق ذلك ما جاء في الحديث الشّريف من أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل ما الفأل؟ فقال: "الكلمة الصّالحة يسمعها أحدكم”، وجاء في حديث أنس رضي اللّه عنه:”أنّ الفأل: الكلمة الحسنة والكلمة الطّيّبة”، ومن ثمّ يكون المراد بالتّفاؤل: انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظّنّ، وتوقّع الخير بما يسمعه من الكلم الصّالح أو الحسن أو الطّيّب، وتوقُّع حصول الخير في المستقبل، وبضد ذلك المتشائم التي يتوقَّع حصول الشر، يعني الأمل ,وهو نظرة مستبشرة نحو الغد وتوقع الأفضل دائما، وضد التفاؤل :التشاؤم، والتشاؤم هو اليأس والفشل ,فالمتفائل قرينه النجاح أما المتشاءم فقرينه الفشل والعجز، ورسول الله ﷺ استعاذ بالله من العجز.
يراجع:” نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ﷺ "،(3/1045-1046).
– ” أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع”،(ص:86-87)
-"التمهيد لشرح كتاب التوحيد”،(1/341)
-"اتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين”،(3/155)،و”فتح الباري”، (10/ 215)،و”شرح السنة”، للبغوي (12/ 175)،و”شرح صحيح مسلم”، للنووي(6/ 210).
-ينظر:” أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة”،(ص:32)
-” فتح الباري”، (10/ 226)
-ينظر:” أدب الدنيا والدين”،(ص:316)
– ينظر:” نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ﷺ "،(3/1047-1048)
-ينظر:” التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المذيل بالتفنيد لشبهات العنيد”،(ص:253)
-ينظر: "الأساس في التفسير”،(5/2500)
-قال ابن الأثير في "النهاية”،(1/376):”كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى أَيْ إِذَا نَزَلَ بِهِ مُهِمٌّ أَوْ أَصَابَهُ غَمٌّ”.
-أخرجه أبو داود في "سننه”،(1319 )
– أخرجه أبو داود في "سننه”،(3920). وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود”، (3319).
– أخرجه مسلم في "صحيحه” (2 / 198) برقم: (806)
-أخرجه أبو داود (3917)،وأحمد في "مسنده” (9040) ،وابن السني في "عمل اليوم والليلة” (291)، وصححه الألباني، في”صحيح سنن أبي داود "(3317)، وهو في "الصحيحة” (726)
-أخرجه الترمذي في "جامعه”،( 1616 )، وصححه الألباني في ” صَحِيح الْجَامِع”،(4978).
-أخرجه أحمد في "مسنده”،(2328),،وابن حبان في”صحيحه،(5825 )، وصححه الألباني في ” الصَّحِيحَة”،( 777)
– أخرجه ابن ماجة في "سننه” (3536)، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع”، (4985)
-أخرجه أحمد في "مسنده”،(8374 )،وابن ماجة في "سننه”،(3536)،وقال الأرناؤوط: "إسناده حسن”.
-يقول النووي: "قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا أُحِبُّ الْفَأْلَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَمَلَ فَائِدَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلَهُ عِنْدَ سَبَبٍ قَوِيٍّ أَوْ ضَعِيفٍ فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ فِي الْحَالِ وَإِنْ غَلِطَ فِي جهة الرجاء فالرجاء له خَيْرٌ وَأَمَّا إِذَا قَطَعَ رَجَاءَهُ وَأَمَلَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ ذَلِكَ شَرٌّ لَهُ وَالطِّيَرَةُ فِيهَا سُوءُ الظَّنِّ وَتَوَقُّعُ الْبَلَاءِ وَمَنْ أَمْثَالِ التَّفَاؤُلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَرِيضٌ فَيَتَفَاءَلُ بِمَا يَسْمَعُهُ فَيَسْمَعُ مَنْ يَقُولُ يَا سَالِمُ أَوْ يَكُونُ طَالِبَ حَاجَةٍ فَيَسْمَعُ مَنْ يَقُولُ يَا وَاجِدُ فَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ رَجَاءُ الْبُرْءِ أَوِ الْوِجْدَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ” انتهي من "شرح صحيح مسلم”،(14/ 219-220)
-أخرجه البخاري في "صحيحه”،(5422 )،و(5424 )، ومسلم في "صحيحه”،(2224 )،
– التطير هو ما كان يعتقده العرب من التشاؤم بأسماء الطيور وألوانها وأصواتها ، والتشاؤم بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرها، وهذا باب من الشرك وهو من إلقاء الشيطان وتخويفه.”كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة”،(ص:17)
وما الفرق بينها وبين الفأل؟
الجواب: والفرق بين الطيرة والفأل أن الطيرة سوء ظن بالله وصرف شيء من حقوقه لغيره وتعلق القلوب بمخلوق لا ينفع ولا يضر وأما الفأل فهو حسن ظن بالله لا يرد عن الحوائج ولا يحمل على المضي فيها وحسن الظن بالله مطلوب وسوء الظن ممنوع وحسن الظن من خصال الإيمان والمؤمنين وسوء الظن من خصال النفاق والمنافقين ومثال التفاؤل أن يبادره كلمة طيبة أو عمل طيب فيحسن الظن بربه ويسأله من فضله، ومن الأمثلة للتطير الممنوع والتشاؤم الممنوع أن يبادره ويواجهه مرأى أو مسمع يكرهه في بدء سفره أو في أول يومه، وكذلك الفَأْلُ الحَسَنُ لَيْسَ مُؤَثِّرًا فِي العَمَلِ أَوِ المَنْعِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهُوَ مُجَرَّدُ بُشْرَى، بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ فَهِي مُؤَثِّرَةٌ فِي عَمَلِ المَتَطَيِّرِ، وكذلك الفَأْلُ الحَسَنُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي القَلبِ، فَيَبْقَى القَلْبُ مُتَعَلِّقًا بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، بِخِلَافِ الطِّيَرَةِ؛ فَإِنَّ المُتطيِّرَ يَعْتَمِدُ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهَا، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي "فَتْحُ البَارِي”،(214/ 10):”قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَصْدَر الفَأْلِ عَنْ نُطْقٍ وَبَيَانٍ، فَكَأَنَّهُ خَبَرٌ جَاءَ عَنْ غَيْبٍ، بِخِلَافِ غَيْرهِ؛ فَإِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى حَرَكَةِ الطَّائِرِ أَوْ نُطْقِهِ وَلَيْسَ فِيْهِ بَيَانٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَكَلُّفٌ مِمَّنْ يَتَعَاطَاهُ”.[ينظر: ” الأسئلة والأجوبة في العقيدة”،(ص:65)،و”الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية”،(ص:438)،و” التمهيد لشرح كتاب التوحيد”،(1/332)،و” التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المذيل بالتفنيد لشبهات العنيد”،(ص:254)]
– ينظر:” النهاية في غريب الحديث والأثر”، (3/ 405، 406)،
– ينظر: ” الفائق في غريب الحديث والأثر "،(3/ 86)،و”فتح الباري”،(10/ 215).
-ينظر:” خطوات إلى السعادة”،(ص:31-32)
-ينظر:” فتح المجيد شرح كتاب التوحيد”،(ص:311)
– أخرجه البُخَارِيُّ في "صحيحه”،(2731)، وَفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ” (915) ، قال الخطابي في "معالم السنن”،(2/330):”وفي قوله حين جاء سهيل قد سهل لكم من أمركم دليل على استحباب التفاؤل بالاسم الحسن وإنما المكروه من ذلك الطيرة وهو التشاؤم”، وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل”،(4/55):”وَقَوله: ” قد سهل لكم من أَمركُم ” دَلِيل على اسْتِحْبَاب التفاؤل بِالِاسْمِ الْحسن، وَإِنَّمَا يكره التشاؤم وَهُوَ التطير”.
– يراجع :” مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة "،(ص:290-293)،يقول ابن القيم في "زاد المعاد”،(3/305): "استحباب التفاؤل وأنه ليس من الطيرة المكروهة لقوله لما جاء سهيل "سهل أمركم””.
– قَالَ اِبْن الْمَلِك:” فَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْتَارَ الْإِنْسَانُ لِوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَة، فَإِنَّ الْأَسْمَاءَ الْمَكْرُوهَةَ قَدْ تُوَافِقُ الْقَدَرَ، كَمَا لَوْ سَمَّى أَحَدٌ اِبْنَهُ بِـ (خَسَارَةٍ)، فَرُبَّمَا جَرَى قَضَاءُ اللهِ بِأَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ اِبْنِهِ خَسَارَةٌ فَيَعْتَقِدُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ اِسْمِهِ , فَيَتَشَاءَمُونَ، وَيَحْتَرِزُونَ عَنْ مُجَالَسَتِهِ وَمُوَاصَلَتِه، رَوَى سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ مَا اِسْمك؟ قَالَ: جَمْرَة، قَالَ اِبْن مَنْ؟، قَالَ: اِبْن شِهَاب، قَالَ مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ الْحَرَّاقَة، قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنك؟ قَالَ بِحَرَّةِ النَّار، قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى، فَقَالَ عُمَر: أَدْرِك أَهْلكَ فَقَدْ اِحْتَرَقُوا، فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَر رضي الله عنه، قَالَ الْقَارِي: فَالْحَدِيث فِي الْجُمْلَةِ يَرُدُّ عَلَى مَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَسْمِيَة أَوْلَادهمْ بِأَسْمَاءٍ قَبِيحَةٍ كَكَلْبٍ، وَذِئْبٍ”. انتهي من” عون المعبود” (8 / 446)
-أخرجه أبو داود في "سننه”،( 4958)
-ينظر:”شرح السنة”، للبغوي (12/337)، وقال الخطابي في "معالم السنن ” ،(4/ 128):” قد بين النبي المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم إنما كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها: إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذرهم أن يفعلوه لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد، وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثَمَّ يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل: لا، تطيروا بذلك، وتشاءموا به، وأضمروا على الاياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الاياس من خيره. لَا تَشَاؤُمًا وَتَطَيُّرًا بِاسْمِهِ، بَلْ لِانْتِفَاءِ التَّفَاؤُل، وَقَدْ غَيَّرَ ﷺ، ذَلِكَ الِاسْمَ إِلَى اِسْمٍ حَسَن”.
-أخرجه البخاري في "صحيحه”،(4197)، قال ابن حجر في”فتح الباري”،(7/468):”قَالَ السُّهَيْلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ التَّفَاؤُلُ لِأَنَّهُ ﷺ لَمَّا رَأَى آلَاتِ الْهَدْمِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمِسْحَاةِ مِنْ سَحَوْتُ إِذَا قَشَّرْتُ أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَدِينَتَهُمْ سَتَخْرَبُ انْتَهَى”، وقال ابن رجب في”فتح الباري”،(5/232):من فوائد الحديث:”التفاؤل؛ فإن النبي ﷺ لما رآهم خرجوا بالمكاتل – وهي: الزبيل والقفاف -، والمساحي – وهي: المجرفة -، وهذه آلات الحراث، ووقع الأمر كذلك”،وقال ابن القيم يذكر فوائد حديث خيبر في”زاد المعاد”،( 3/308): "جواز التفاؤل، بل استحبابه بما يراه أو يسمعه مما هو من أسباب ظهور الإسلام، كما تفاءل النبي ﷺ برؤية المساحي والفؤوس والمكاتل مع أهل خيبر، فإن ذلك فأل في خرابها” .
– أخرجه البخاري في "صحيحه”(1005) ، (1011) ، ومسلم في "صحيحه” (894)
-أخرجه مسلم في "صحيحه”،(895)،وأبو دواد في "سننه”،(1169)
-ينظر:”المنتقي شرح الموطأ”(1/332)،و”إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام”،(1/355)،و”حاشية السيوطي علي مسلم”،(3/159) ،و”شرح صحيح مسلم”، للنووي،(6/493)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (1871)، ومسلم في "صحيحه”(1378)، ونقل ابن حجر في "فتح الباري”،(4/104)، عن بعض العلماء قَالَ : وَسَبَبُ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ يَثْرِبَ إِمَّا مِنَ التَّثْرِيبِ الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ ، أَوْ مِنَ الثَّرْبِ وَهُوَ الْفَسَادُ ، وَكِلَاهُمَا مُسْتَقْبَحٌ ، وَكَانَ ﷺ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ”، ويقول النووي في "شرح صحيح مسلم”،(9/506):” قَالُوا : وَسَبَبُ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا ( يَثْرِبُ ) لَفْظُ ( التَّثْرِيبِ ) الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ ، وَسُمِّيَتْ ( طَيْبَةُ وَطَابَةُ ) لِحُسْنِ لَفْظِهِمَا ، وَكَانَ ﷺ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ ، وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ”.
– أخرجه مسلم في "صحيحه” (2139) ،ويقول القرطبي في "المفهم”،(5/464):”تبديل النبي ﷺ اسم عاصية بجميلة ، والعاصي بن الأسود بمطيع ، ونحو ذلك سُنَّة ينبغي أن يُقتدى به فيها ؛ فإنَّه كان يكره قبيح الأسماء ، ولا يتطيَّر به ، ويحبُّ حسن الأسماء ، ويتفاءل به”.
– مقال بعنوان: "المتفائلون في زمن اليأس”، د: سلمان بن فهد ،منشور في "موقع المسلم”، بتاريخ: 9/10/2011م، ومحاضرة بعنوان:” التفاؤل والأمل”، للشيخ محمد المنجد، منشورة في موقعه بتاريخ: 13رجب 1433ه.
– مقال بعنوان: "المتفائلون في زمن اليأس”، د: سلمان بن فهد ،منشور في "موقع المسلم”، بتاريخ: 9/10/2011م، ومحاضرة بعنوان:” التفاؤل والأمل”، للشيخ محمد المنجد، منشورة في موقعه بتاريخ: 13رجب 1433ه.
والعرب تطلق بعض الألفاظ الدالة على السلامة، وتستعملها فيما يضادها من باب الفأل، فسموا اللديغ سليماً، والمهلكة مفازة، تفاؤلاً بالسلامة والفوز، وهكذا هنا سموا المسحور مطبوبًا. انتهي من :” أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها”،(ص:30)
– أخرجه مسلم في "صحيحه” (2270)،قال القرطبي في "المفهم”،(6/33):” حديث أنس هذا وتأويله دليل : على أن تعبير الرؤيا قد تؤخذ من اشتقاق كلماتها ، فإنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ من عقبة : حسن العاقبة ، ومن رافع : الرفعة . ومن رطب بن طاب : لذاذة الدين وكماله”.
-يقول النووي في "شرح مسلم”،(15/431):” قَوْلُهُ : ( بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ ) هُوَ نَوْعٌ مِنَ الرُّطَبِ مَعْرُوفٌ يُقَالُ لَهُ : رُطَبُ ابْنِ طَابٍ ، وَتَمْرُ ابْنِ طَابٍ ، وَعِذْقُ ابْنِ طَابٍ ، وَعُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ ، وَهِيَ مُضَافٌ إِلَى ابْنِ طَابٍ : رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ".
– محاضرة بعنوان:” التفاؤل والأمل”، للشيخ محمد المنجد، منشورة في موقعه بتاريخ: 13رجب 1433ه.
-يقول محمد رشيد رضا في: "تفسير المنار”،(12/221):” فَصَبْرِي صَبْرٌ جَمِيلٌ لَا يُشَوِّهُ جَمَالَهُ جَزَعُ الْيَائِسِينَ مِنْ رَوْحِ اللهِ، الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَا الشَّكْوَى إِلَى غَيْرِ اللهِ”.
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (3 / 112) برقم: (2368)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (4 / 115) برقم: (3231) ، ومسلم في "صحيحه” (5 / 181) برقم: (1795)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (1 / 7) برقم: (3) ، ومسلم في "صحيحه” (1 / 97) برقم: (160)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (220)عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ
-” السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة”،(1/495)
– ” ليس عليك وحشة”،(ص:14)
-ينظر: "الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة”،(7/500-507)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (5 / 4) برقم: (3653)، ومسلم في "صحيحه” (7 / 108) برقم: (2381)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (4 / 47) برقم: (2942) ، ومسلم في "صحيحه” (7 / 121) برقم: (2406)
– أخرجه النسائي في "الكبرى” (8807)، وأحمد في "مسنده” (18994)، وحسّنه ابن حجر في "فتح الباري”،( 7/397)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (2 / 108) برقم: (1413) ، ومسلم في "صحيحه” (3 / 86) برقم: (1016)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (4 / 158) برقم: (3410) ، ومسلم في "صحيحه” (1 / 138) برقم: (220)
– الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه”،(3616)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ فَقَالَ لَهُ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ قُلْتُ طَهُورٌ كَلَّا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَنَعَمْ إِذًا .
-قوله: "طَهور إن شاء الله”: هو خبَر مبتدأ محذوف أي: هو طهور لك من ذنوبك أي مُطَهِّر لك منها.[ينظر:” التبيين لدعوات المرضى والمصابين”،(ص:28)]
– أخرجه الترمذي في "جامعه” (2407)، وأحمد في "مسنده”(12089)،وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب”،( 11927)
– ” الطريق إلى الامتياز "،(ص:55-56)،و” الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية”،(ص:55)
– مقال بعنوان: "المتفائلون في زمن اليأس”، د: سلمان بن فهد ،منشور في "موقع المسلم”، بتاريخ: 9/10/2011م، ومحاضرة بعنوان:” التفاؤل والأمل”، للشيخ محمد المنجد، منشورة في موقعه بتاريخ: 13رجب 1433ه.
-ينظر:” التوجيه والإرشاد النفسي "،(ص:361)،والتفاؤل في حياة المسلم ، د. محمود بن أحمد الدوسري ، ملتقي الخطباء.
– أخرجه البخاري في "صحيحه”،( 6369)
-ينظر:”الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة”،(7/500-507)
– أخرجه مسلم في "صحيحه” ( (2664)
-” هكذا علمتني الحياة”،(ص:32)،(ص:200)
-” تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد”،(ص:372)
-ينظر:” مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة”،(2/244)
– وكان العرب قبل الاسلام يحرصون على الأسماء التي فيها التفاؤل ويبتعدون عن الأسماء السلبية، قال الأصمعيّ: "إِنما سُمِّي اللّديغ سَليماً لأنهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقلبوا المعنى، كما قالوا للحبَشي: أَبو البيضاء، وكما قالوا للفلاة: مَفازَة، تفاءلوا بالفوز وهي مَهلَكة”. انتهي من: ” ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة”،(ص:16).
– ينظر:” نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ﷺ "،(3/1047-1048)
– أخرجه البخاري في "صحيحه” (7507)،ومسلم في "صحيحه” (2758) ،ويقول ابن رجب في "جامع العلوم والحكم”،(2/409):” وَالْمَعْنَى: مَا دَامَ عَلَى هَذَا الْحَالِ كُلَّمَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الِاسْتِغْفَارُ الْمَقْرُونُ بِعَدَمِ الْإِصْرَارِ”.
-ينظر:” شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة”،(ص:95)
-ينظر:”عصرنا والعيش في الزمان الصعب”، أ.د.عبد الكريم بكّار،(1/155).
– أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه”(19701)، والطبراني في "الكبير” (8783)
-ينظر:” صلاة الاستخارة – مسائل فقهية وفوائد تربوية”،(ص:66)، والحديث أخرجه البخاري،(1162)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي ، أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ ، فَاقْدُرْهُ لِي ، وَيَسِّرْهُ لِي ، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي ، فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي ، أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي ، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ، ثُمَّ أَرْضِنِي. قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ”.
-التفاؤل .. حياة، فيصل بن علي البعداني ، منشور في ” مجلة البيان”، (228/8)
– "علم الأخلاق الإسلامية”،(ص:70)، و” الدعوة إلى الله فوائد وشواهد”،(ص:54)
-التفاؤل كما في هدي الرسول وسيرته ﷺ، د. خالد بن عبدالرحمن الشايع، تاريخ الإضافة: 26/10/2017م،5/2/1439ه.
-” الأمة بين سنتي الابتلاء والعمل”،(ص:116-119)
-” معالم الطريق إلى الله”،(ص:76)
-” إحياء علوم الدين”،(4/544)
-” الأذكار”،(ص:402)
-” منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول ﷺ "،(4/417)
-مقتبسةً من ختام ” الدرة البهية نظم الآجرومية "، للعمريطي الشافعي(ص:33)
– مقتبسةً من ختام نظم الدرر السنية الزكية”، للعراقي (ص:156)

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of