تخريج أثر أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه كان يكون في منزله بالزَّاوِيَة، فإذا لم يَشْهَد العيد بالبصرة جَمَعَ أهلَه وولَدَه ومَوَاليه، ثم يَأمُر مولاه عبدَ الله بن أبي عُتْبَةَ فصلَّى بهم ركعتَيْن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, وبعد.
لقد كَثُرَ الاستدلال بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه في صلاته العيدَ في بيته عندما لم يَتَيَسَّرْ له أداؤُها مع الإمام, واستشكل بعضهم في ثبوته؛ لتضعيف الشيخ الألباني رحمه الله له, فأَحبَبْتُ أن أجْمَعَ طُرُقَه وأَدْرُسَها وفق القواعد المُقَرَّرَة عند المحدثين, فأقول وبالله التوفيق:
أخرج عبدُ الرزاق في «مصنفه» (3/332, ح5855) عن هُشَيم، عن عُبَيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن جَدِّه أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه كان يكون في منزله بالزَّاوِيَة، فإذا لم يَشْهَد العيد بالبصرة جَمَعَ أهلَه وولَدَه ومَوَاليه، ثم يَأمُر مولاه عبدَ الله بن أبي عُتْبَةَ فصلَّى بهم ركعتَيْن.
وإسناده صحيح, رجاله كلهم ثقات من رجال الشَيْخَيْن, ولا تَضُرُّه عَنْعَنَة هُشَيم بن بَشِير, فإنه صرَّح بالتحديث عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/348, ح7289), قال رحمه الله: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حدثنا سَعِيدٌ، قَالَ: حدثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه به.
وإسناده حَسَن إلى هُشَيم؛ فإن شيخَ الطحاوي صالحَ بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري حَسَنُ الحديث, قال أبو حاتم الرازي عنه: "محله الصدق”. «الجرح والتعديل» (4/408).
وسعيد بن منصور ثقة مُصنِّف, وكان لا يرجع عمَّا في كتابه لشدة وثوقه به. «تقريب التهذيب» (ص241).
وتابع سعيدَ بنَ منصور وعبدَ الرزاق الصنعاني في روايته عن هُشَيمِ بنِ بَشير نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ عند البيهقي في «السنن الكبرى» (3/305, ح6459).
ونعيمُ بن حماد تَكلَّم العلماء في حفظه, قال الحافظ في «التقريب» (ص564): "صدوق يُخطئ كثيرًا, فقيه عارف بالفرائض”, فإسناد البيهقي ضعيف لأجله؛ لكنه لا يُؤَثِّرُ على ثبوت الحديث ودرجته, فإن له إسنادَين ثابتتَيْن إلى أنس بن مالك رضي الله عنه كما سَبَق ذِكْرُهما.
وقد خرَّج هذا الأثرَ الشيخُ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في «إرواء الغليل» (3/120-121) من طريق نُعَيم بن حماد عند البيهقي, وضَعَّفَه به, والظاهر أنه لم يَقِفْ على روايتَيْ عبد الرزاق الصنعاني والطحاوي, فإنهما ثابتتان عن أنس رضي الله عنه, إذْ لو وَقَف عليهما لذَكَرَهما كما ذكَر روايةَ ابنِ أبي شيبة (2/9/1) من طريق يونس قال: حدَّثنى بعض آل أنس: ” أن أنسًا كان رُبَّمَا جمع أهله وحشمه يوم العيد, فصلى بهم عبد الله بن أبى عتبة ركعتين”, وأَعَلَّهَا بِجَهالة بعض آل أنس, ولم يَرْضَ بها تقويةَ روايةِ نُعَيم, فَلَوْ وَقَف على روايتَيْ عبد الرزاق الصنعاني والطحاوي الثابتتَيْنِ لَذَكَرهما وصحَّحَ بهما الحديث, كما هو المرجو والمعهود منه رحمه الله.
ويُقَوِّي جانب قَبوله أن الإمامَ البخاريَّ رحمه الله أخرجه في «صحيحه» (2/23) مُعَلَّقًا عن أنس رضي الله عنه, مجزومًا به.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
*كتبه العبد الفقير: فاروق عبد الله بن محمد أشرف الحق النراينفوري*
يمكن لنا أن نفهم جيدًا من تخريجكم الثمين وتحقيقكم القيم و بحثكم النافع هذا أنه إذا حزبنا أمر من الأمور ، أن صلاة العيد يجوز لنا أدائها جماعة في منازلنا مع أسرنا.